د. رشود الخريف - الرياض السعودية كثر الحديث حول ""ساهر"" ما بين مادح وقادح. لا يختلف اثنان على ضرورة مراقبة السرعة والحد منها، ولا أحد يجادل حول خطورتها وفداحة خسائرها على الفرد والأسرة والمجتمع، لذلك كتبت وغيري – فيما مضى - مادحين فكرة ""ساهر""، وما يحققه من نجاح في الحد من السرعة، والكتابات الكثيرة ليست حول جدوى وجود ""ساهر""، ولكن حول كيفية التطبيق ومكونات المشروع. لا بد أن تكون أهدافه نبيلة، وهي الحد من السرعة، ومن ثم خفض أعداد الحوادث وتقليص أعداد الوفيات، ولا يمكن أن تكون العقوبة في حد ذاتها أو جباية رسوم المخالفات هدفا من أهدافه! من هذا المنطلق، كان من المتوقع أن يبدأ مشروع ""ساهر"" متكاملاً، لتحقيق الهدف النهائي النبيل. فمشروع ""ساهر"" كغيره من المشروعات يتطلب تحديد أهدافه بوضوح، وآليات تنفيذ هذه الأهداف والمتطلبات الأساسية لنجاح المشروع، إضافة إلى مؤشرات الأداء أو مقاييس النجاح حسب مراحل التنفيذ الزمنية، مع إشراف من قبل مجلس إدارة أو لجنة عليا تُمثل فيها جميع الأطراف ذات العلاقة بالمشروع مثل: المرور، والبلديات، والثقافة والإعلام، ووزارة التربية والتعليم. إن مشروع ""ساهر"" يتطلب بنية تحتية أساسية، منها إعادة النظر في السرعة المحددة لكل شارع وطريق حسب المعايير الدولية المعروفة، فبعض الشوارع في حاجة إلى رفع حدود السرعة القصوى والبعض الآخر في حاجة إلى خفضها، وقد أسعدتني الأنباء عن بعض الجهود المتخذة في هذا السبيل، هناك كذلك حاجة إلى وضع لوحات بالسرعة المحددة في أماكن مناسبة وواضحة لقائد المركبة، ولا ينبغي أن تتغير السرعات المحددة في الشارع الواحد بشكل مفاجئ، كما هو الحال في بعض الشوارع. ولا شك أن تطبيق أي نظام جديد يتطلب التوعية بخطورة السرعة وقطع الإشارة والعقوبات لمخالفة الأنظمة، بعبارة أخرى لا بد أن يشتمل النظام على جانب توعوي مكثف، ولا ينبغي أن يقتصر الأمر على نظام العقوبات وجباية المخالفات! بناء عليه، فإن روح المباغتة التي يتخذها نظام ""ساهر"" ليس لائقاً، فمن الأفضل أن تحدد الأماكن بناء على دراسة متأنية وعلمية، ثم تُوضع الكاميرات بعناية، ويتم الإبلاغ عن وجودها، لأن الهدف النهائي ليس رصد المخالفة، وإنما الحد من السرعة والالتزام بالأنظمة. فلا يكفي أن يبدأ تطبيق النظام بعدد محدود من الكاميرات تعتمد على روح المباغتة هنا وهناك. أختصر كلامي فأقول إن من المفترض، بل من الأفضل أن يبدأ ""ساهر"" بعد استكمال عناصره الأساسية كمشروع وطني، ومنها الجوانب الهندسية المتعلقة بسلامة تصميم الطرق واقتراح إصلاح الخلل بها، إن وُجد، والجوانب التعليمية التي ينبغي أن يتم التفاهم حولها مع وزارة التربية والتعليم، وكذلك الجوانب التوعوية التي تتطلب تواكب الجهود وتكثيف الأنشطة ما بين مشاركة وسائل الإعلام وخطباء الجمعة، وزيارات المدارس والكليات، وغيرها، وأخيراً جوانب العقوبات التي تتحدد ليس بالمخالفة المالية فقط، وإنما بفقدان بعض النقاط في رصيد رخصة القيادة، وما يتبع ذلك من رفع التأمين على المركبة، فالعقوبة المالية لا ينبغي أن تكون الأولوية! وأدعو الله أن يوفق الجهود المخلصة وينفع بها، وكل عام وأنتم بخير.