يقال: «إن البيروقراطية عالم كامل من الأوراق دون اكتراث بالمسؤولية» وما هو مشاهد ملحوظ في أيامنا هذه من قضايا مختلفة تتعلق باخفاق كثير من المؤسسات الحكومية في واجباتها ناشئ من هذه البيروقراطية التي يتخذ منها المقصرون ذريعة لما هم فيه من تقصير ظاهر في حق هذا الوطن المبارك ، فمع عظم الانفاق المالي وجليل التوجّه الملكي لما فيه مصلحة البلاد والعباد إلاّ أن الثمار لم ترق بعد إلى ما ينبغي أن تكون عليه من أثر ظاهر في حياة الناس. وعلى هذا فما أحوج كثيراً من الأنظمة الإدارية القائمة حاليا إلى مراجعة تضع المواطن البسيط بين عينيها والاّ لعظمت كفة الطبقية ورجحت وهذا يؤذن - لا قدر الله - بعواقب وخيمة من الجرائم الاجتماعية بمختلف طرائقها وشتى أحوالها. والتغيير في الأنظمة الإدارية المتعلقة بحياة الناس لا بد أن يصاحبه اختيار رجال أقوياء ، أمناء لا يتخذون من المناصب سلماً لمقاصدهم الشخصية وطريقاً عابراً يغنمون منه لذواتهم وأهليهم. حتى إذا مضت سنون المنصب الأربع تركوه وقد تغيّر حالهم إلى الأفضل وبقي حال الناس يزداد سوءً. إن أي خطة تنموية لا تجعل من المواطن البسيط ركيزة فيما تصبو إليه ستصبح لا محالة طريق هلاك ومعول هدم فثمة أشياء حولنا ليس فيها الّا التقدم أو التأخر. واحسب أنه يقع على مجلس الشورى والامانة العامة لمجلس الوزراء وهيئة الخبراء في المجلس دور كبير في دفع عجلة الاصلاح وسداد الخلل واختيار أفضل السبل إذ أننا نرى ان كثيرا من طرائق الاصلاح الاخيرة إنما صدرت بإرادة ملكية محضة، تنبئ عن عظيم ونبل شخصية خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله ووفقه - لكن ذلك لا يعني أن لا تقوم كثير من مؤسسات الدولة بواجباتها وتستلم راية المبادرة لوطن طابت أرضه وصفت سماؤه. وإن كنا نلحظ بجلاء الدور الريادي لسمو النائب الثاني وفقه الله خاصة في الأشهر الأخيرة الماضية. وهذا كله يقوي من العزائم ويفتح الباب مشرعا أمام جهود المخلصين الذين يحملون همّ المواطن في كل محفل، ذلكم المواطن الذي ما زال ينتظر أنظمة وقوانين تعينه على كبَد الايام وقوارع الدهر بدءاً من دار يسكنها ولا نهاية لمطالبه إلى أن يحين الأجل ويطوى العمر وتقضى الحياة.