وبالطبع، فمن الغباء بمكان أن يدافع المثقف عن مسألة حقوق الإنسان في بلده وأن يطبطب عليها بالتعمية. لا يوجد بلد في الدنيا نقي وشفاف ليخلو اسمه من إضبارات المنظمات الحقوقية. قصة ترحيل الغجر من فرنسا مثلها مثل تقييد الشعائر والإشارات الدينية في سويسرا، ومثلهما حقوق الأقلية السوداء في أمريكا في الوظائف الجوهرية إلى اختراق الإرث العنصري للجامعات البيضاء في العرف الاجتماعي الأمريكي. شاهدت حلقة تلفزيونية على هيئة الإذاعة البريطانية تتحدث عن حقوق الإنسان في السعودية ولن أدعي الاشمئزاز والرفض لكل ما قيل. كل ما سأقوله أننا لا نختلف عن غيرنا كثيراً وإن كان من العقل والمنطق أن نساوم على درجات الاختلاف. نحن بالمعيار الاجتماعي نحمل نقاطاً رمادية عن وضع المرأة. 300 ألف عاطلة عن العمل وهذه نقطة سوداء جوهرية. ولكن ما أرفضه بتاتاً أن نتهم زوراً في مسائل مرتبكة مثل ما قيل في البرنامج بالحرف عن (عبودية نظام الكفيل). على العكس تماماً فنحن من نشعر أننا أسرى لسيطرة الوافد حراً على سوقنا الضخم. لم نجبر أحدا على المجيء ولا البقاء وإلا أجيبوني: أين هذه العبودية المزعومة والمكفولون يمثلون نصف تعداد السكان وأين هذه العبودية المزعومة ونحن الدولة على مستوى الكون في نسبة حجم تحويلات هؤلاء المكفولين إلى بلدانهم إلى الناتج الإجمالي الوطني. أين هذه العبودية المزعومة فيما الوافد يبيع في بلده كل ما يملك كي يدفعها لمكاتب الترحيل في وطنه الأصل كي يأتي إلى هنا من أجل أن يبني المستقبل. وفي الكف الأخرى من معادلة حقوق الإنسان لا بد من المرور على مؤشر الهجرة الذي تتخذه هذه المنظمات الحقوقية دلالة على تردي هذه الحقوق ولكنها تتجاهله عمداً عند الحديث عن السعودي وحقوقه في بلده. نحن السعوديين نشكل واحدة من أدنى النسب العالمية في الهجرة المعاكسة ولا يظن أحد أن الوضع المالي هو السبب الوحيد، فلمثل هذا النوع من الهجرة عشرات الأسباب وكلها تتعلق بحرية المال والاقتصاد والتعسف والاضطهاد والملاحقات الفكرية بسبب الحريات العامة. لماذا نحن من ضمن الأقل نسبة رغم أهمية هذا المؤشر؟ هذا هو المسكوت عنه بالعمد.