يقول استطلاع (بيو) الأمريكي إن 82% من الأمريكيين أبدوا شعوراً عنصريّاً تمييزيّاً ضد الملونين، وفيما تبقى من النسبة فإن مجمل الأمريكيين الأفارقة لا يزيد على 12% من مجموع السكان. بهذه الحسبة فإن 6% فقط من البيض هم من تبقى فلا يشعرون برؤية تمييز عنصري. وفي القراءة الأولى للمعلومة يبدو المجتمع الأمريكي عنصريّاَ وهذه حقيقة لا تقبل النقاش، ولكن ما هي دلائل القراءة العميقة؟ هؤلاء يناقشون قضاياهم على الطاولة. الاستطلاع أمريكي لقضية على الساحة الاجتماعية، ثم هم ينشرون النتائج دون التفاف أو تزوير أو تعمية وتغطية على الحقائق. وفي المقابل الواضح الصريح: هل نحن عنصريون ولو بنسبة مئوية نختلف حولها أو نتفق؟ نعم، وبالفم المليان، وحتى في الممارسة العملية للتمييز العنصري هؤلاء تفوقوا علينا بتطبيق القانون الذي يحاكم أي ممارسة عنصرية. هم يستطيعون أن يكونوا عنصريين في خوالج النفس، ولكنهم يحسبون حساب القانون عندما يحاولون تحويل هذا الشعور إلى ممارسة واقعية. خذ مثلا أن وزير الزراعة الأمريكي يضطر إلى الاعتذار العلني لموظفة سوداء فصَلها من العمل لشعور تمييزي، ولولا تدخل باراك أوباما ودعوته لها إلى البيت الأبيض لطار رأس الوزير تحت ضغط الرأي العام فيما هي تعود إلى الوزارة ذاتها. هنا وبكل صراحة أستطيع أن أرسم لكم خارطة عرقية للمناصب التنفيذية في كل منظومة إدارية بمجرد أن تعطيني فصيلة الدم (لصاحب السعادة أو الفضيلة) على رأس الجهاز. تأمّلوا خارطة الأسماء حيث تكشفها بكل جلاء وبالخصوص من تلك على شاكلة – المجالس والأعضاء – في الهيئات والمؤسّسات المختلفة. هذه وحدها تكشف عورتنا التمييزية بكل وضوح، وللمفارقة أننا نصنف الأسماء بترتيب أبجدي في قائمة واحدة. هذا التمييز لا يشل الكفاءة الإدارية فحسب، بل هو الداء القاتل لمدماك المواطنة. قمة التمييز هو تمييز الوظيفة. وبعدها لا تهم خوالج النفس. لا أحد يستطيع محاكمة المشاعر ولكننا يجب أن (نحاكي) الممارسة ولا حظوا أنني أبدلت الميم ياءً في آخر قوس مفتوح. من المفارقة بمكان أننا طوال تاريخنا الإداري الطويل لن نحاكم ممارسة عنصريّة تمييزية إدارية واحدة.