لبنى الخميس - الجزيرة السعودية لو تتبعنا برامج ال mbc للاحظنا أنها تتبنى نوعية برامج رائعة تجمع بين المتعة والفائدة, وتدعو إلى التغيير والإبداع والابتكار, لكنها في المقابل تحرص على إعطاء النقيض السلبي فرصة, فمثلاً في الساعة الخامسة عصرا بتوقيت السعودية من كل يوم يطل علينا مفكر موسوعي وشيخ بمرتبة عالم جليل وشخصية استثنائية ومتنورة، أسرتْ مشاهديها الكثر في أغلب بقاع الأرض من خلال برنامج (حجر الزاوية) هو الداعية الإسلامي الدكتور سلمان العودة، أو دعوني أناديه (سلمان العودة) فقط فبريق اسمه يغني عن كل الألقاب التي يحتاج إليها الناس كي نلاحظهم أو نرفع من قدرهم. هو موعد بات مفضلا لدى الكثيرين, لقاء تشعر فيه بأنك وحدك معه, يخاطبك بلغة راقية ويجادلك مع ما تختلف فيه مع نفسك لكن - بالتي هي أحسن - بمظهر متجدد ولغة حوارية رائعة وفكر أقل ما يقال عنه إنه متسامح ومتسع لجميع الآراء والقناعات, إنه استثناء حقيقي لعصر انتشر فيه الخطاب الديني المطعم بالوصاية والمتشدد والمتعالي على الناس العاديين الطامحين، بل المتعطشين لقدوة ومرشد ديني واجتماعي يحاورهم ويسمع شجونهم وآلامهم وأحلامهم. سلمان العودة الذي وصل عدد معجبيه في الموقع الاجتماعي الشبابي face book إلى 12 ألف معجب, هذا العدد الهائل من المعجبين والمتابعين يجعلنا نقف باحترام أمام هذه الشخصية الكاريزمية المميزة لنتساءل ما الذي جعل هؤلاء الشباب من الجيل الجديد ينجذبون إلى قامة دينية ويلتفون حولها بحب واحترام يوما بعد يوم؟ أعتقد وأنا إحدى هؤلاء الشباب المعجبين والمتابعين لإنتاج الشيخ الكتابي من مقالات وكتب, والتلفزيوني من برامج وإطلالات متنوعة, أن لغته العصرية التي ينهمر معها العقل والفكر وأسلوبه السلس وقصصه ونوادره وأمثاله وأشعاره وحكمه المتنوعة الممزوجة بحديثه والمأخوذة من كتب عربية عتيقة وخالدة, أو كتب أجنبية مترجمة تحاكي جميع الأعمار وتلامس حياة وضمير وحكاية كل إنسان وتجعلك تخرج بمحصلة دسمة من المعلومات والأفكار العملية والواقعية هي سبب نجاحه وجماهيريته. فالشيخ سلمان خير نموذج للتغيير فهو من دفع ثمن انغلاقه على نفسه في بداية نشاطه الدعوي فصادم الكثيرين حتى اقتنع بأن الدرب الذي سار عليه لم ولن يكن مؤثرا في مجتمعه فعاد اليوم كالجبال التي لا تنقص الكهوف من شموخها, وإنساناً مختلفاً وداعية تغيير وإصلاح وضوء يشعرنا بأن الجنة أقرب من النار والتغيير أسهل وأحلى من الجمود وكما يقول المثل: (حين يطابق الكلام نية المتكلم, حينها يحرك السامع). أما الساعة الثالثة بعد منتصف الليل وقبل ساعة تقريباً من رفع آذان الفجر في هذا الشهر الفضيل, وفي ذات القناة mbc التي عرفت بأنها قناة الأسرة العربية تطل علينا من يسمونها (الإعلامية) حليمة بولند, بطابع برنامج لطالما اعتقدت أنه للقنوات التجارية المبتذلة والرخيصة التي تقع في ذيل ترتيب القنوات في (رسيفرك), تطل بمظهر مخجل يخدش الحياء والذوق العام واحترام ومكانة الشهر المقدس والمحطة, حين تتحدث بلغة فيها استهتار وإسفاف بالمتصل والمشاهد, الذي لم تبرع في إمتاعه وكسب احترامه بقدر ما برعت في التغزل بنفسها وجمالها وبنجاح برنامجها ومشروعاتها وشعبيتها وكأنها تنافس بل تضاهي جماهيرية الإعلامية أوبرا وينفري, فالجمال والغنج وتقصير الفساتين وتطويل اللسان لا يكفي حتى نطلق على كل من هب ودب لقب إعلامية ونفسح لها المجال حتى تغزو بيوتنا عبر شاشة قدر لها أن تكون شاشة كل العرب. لسنا ضد الترفيه والمسابقات التي لها حلاوة وطعم خاص في رمضان, ولا نطالب المذيعة بأن تختم مقدمة ابن خلدون أو تقرأ تاريخ الطبري وترتدي زي مقدمات الأخبار وتتحدث الفصحى برصانة وحزم, بل أن تكون بحد أدنى من اللباقة والذوق وتعي أن ما تقدمه وكيف تقدمه, لا ما ترتديه وتدعيه هو الثروة والرصيد الأساسي. أخيراً مع الأسف أن هذا البرنامج السطحي لا يتناسب مع موجة التغيير والابتكار التي تقودها ال mbc عبر برامج هادفة ولا شك ممتعة، كما أن القناة ليست بحاجة إلى حليمة ومسلسلاتها إطلاقاً لكي تحصد النجاح أو المتابعة أو حتى الجدل.. والله من وراء القصد.