الكمّ الهائل من المسلسلات والبرامج في الفضائيات لم يستطع حجب الجيد منها، بحسب متابعتي السريعة هو قليل مقارنة بالمتوافر، بقي برنامج «حجر الزاوية» للدكتور سلمان العودة في المقدمة أراه جوهرة رمضانية في ال «أم بي سي»، بل نموذجاً لها هي نفسها مقارنة ببرامج أخرى، ومنذ سنوات أحرص على متابعته، مع الفائدة أبحث عن أسرار النجاح الخفية. إضافة إلى ثقافته الموسوعية - المؤطرة بالثقافة الشرعية - هناك اتفاق على قدرات الدكتور سلمان في الاتصال بجمهور المشاهدين، وله تاريخ حافل في هذا الشأن، زاد هذه القدرات بساطة وعدم تكلّف واجتهاد في بثّ خطاب ليّن يستهدف الفرد وسلوكه في الغالبية. في هذه الجزئية لن أضيف جديداً، كما لا يمكن إغفال الإعداد المتنوع الجيد، هناك فريق للإعداد يحرص على اختيار المحتوى، أيضاً هناك عمل ميداني، صحيح أنه متأرجح إلا أنه يكسر الجمود، كل هذا من المتفق عليه، إنما هناك سر آخر لا تجده في برامج أخرى مشابهة. لاحظت أن مستوى التناغم عالٍ بين المقدم الأستاذ فهد السعوي والشيخ سلمان العودة في طرح الأسئلة والحوار وما ينتج عنها، فلا الأول يصنّم الأخير ويتعامل معه بقالب متخشّب ولا الشيخ ينظر إلى فهد كطالب صغير في فصله الدراسي، والجميل أن هذا يتمّ مع حفظ المكانة للطرفين. كما استطاع الشاب فهد السعوي أن يمثّل المشاهد في مداخلاته مع الشيخ وعند نقله أسئلة المتصلين، لم يكتفِ بموقع حلقة الوصل الجامدة - كما تعودنا في مثل هذه البرامج - بل تجاوز هذا بمراحل أحدثت أبعاداً أعمق جعلت المتابع يشعر بأنه موجود هناك في الاستوديو، أو أن هناك من يعبّر عنه إلى حدّ مريح. أيضاً قدّم السعوي نموذجاً راقياً في التعامل مع المتصلين، يعبّر عن إحساس بهم على اختلاف قضايا يطرحونها من أسئلة عامة إلى مشاركات في موضوع الحلقة، وهذا ما لم نتعوده من مذيعي برامج مباشرة، لا أريد أن أخوض في أساليبهم. هذه السنة يضيف البرنامج زميلنا الأستاذ أحمد الفهيد، وشهادتي فيه مجروحة، فهو من زملاء المهنة و «الدار»، رصد ردود الفعل وصدى طروحات البرنامج على الهواء مباشرة فكرة سباقة في محيطنا الفضائي، فالمصنوع المعلّب هو السائد. ومن الملاحظات تحاشي الدكتور سلمان العودة الردّ أو التعليق على قضايا يطرحها متصلون أطلق عليها مسائل أو قضايا «تنظيمية»، وهي تتعلق بإجراءات أو تنظيمات تحددها جهات لخدمة ما، وأزعم أن كثيراً من معوقات نعيشها يأتي من اتجاهين: إما أنظمة وإجراءات لم تستطع أن تتطور وإما من أسلوب تطبيقها، لذلك من المهم - في نظري - عدم تركها خصوصاً من برنامج تحرص الأكثرية على متابعته ولشيخ نحترم ونقدر فكره وجهوده.