راشد فهد الراشد - الرياض السعودية رحم الله أباذر الغفاري ، نصير الفقراء ، والحامل همومهم ، وأوجاعهم ، وتفتتهم ، والمكتوي بعوزهم ، وانكساراتهم ، الممتلئ إشفاقا ورحمة بهم ومعاناتهم. نترحم على أبي ذر ، ونتذكر أن معاوية بن أبي سفيان أراد أن يختبر سلوك الغفاري ، ويمتحن صدقه في محاربته للفقر ، وتضامنه مع الفقراء ، وانحيازه إلى واقعهم المرهق للروح ، المذل لكرامة الإنسان ، فبعث معاوية إليه في منتصف الليل بألف دينار ، وعند الصباح الباكر جداً أرسل إليه نفس الرسول ليستردها ، ولكن معاوية أصيب بالذهول والدهشة عندما عاد إليه الرسول ليؤكد له أن أباذر أنفقها كلها على الفقراء ، ولم يحتفظ لنفسه منها بدينار واحد ، واحد فقط ..( الطبري ) وللغفاري قوله المشهور " عجبت لامرئ لايجد قوت يومه ثم لايخرج إلى الناس شاهرا سيفه " فالجوع كافر ، والحاجة إلى الطعام تقود الكائن البشري إلى الجنون، وعندما يكون في المنزل إذا كان هناك منزل أفواه مفتوحة تتضور من أجل الحليب ، أو الخبز ، فإن العقل يغيب تماما ، والفكر يصبح مشلولا ، والتفكير لاتتهيأ له الظروف والمناخات لكي يستنتج الحلول المعقولة ، وعلي بن أبي طالب قال : لوكان الفقر رجلا لقتلته . تذكرت أباذر الغفاري ، واستدعت الذاكرة امتحان معاوية بن أبي سفيان له ، وسلوكه الصادق مع نفسه ، ومع الآخرين ، ومع قناعاته ، وعلمه ، وتقواه النابعة من قلب مؤمن ، شفاف ، عطوف ، متعاطف . ومخزون إحساس بآلام واوجاع الإنسان ، وهزائمه في نضالاته مع العيش ، ولقمة الأطفال . وأنا أقرأ خبرا يقول : "موجة جديدة من الارتفاع في أسعار المحاضرين في المحاضرات والندوات والدورات التثقيفية في مدينة أبها ( . . . . ) مما اضطرالقائمين على هذه المناشط إلى إلغاء بعضها ، فيما أقيمت أخرى بعد مفاوضات شاقة ( !!) نجحت في تخفيض السعر من قبل أحد الدعاة إلى عشرين ألف ريال كحد أدنى للمحاضرة الواحدة . فيما لم تقبل جهة منظمة رقماً آخر وضعه أحد الدعاة المعروفين وصل إلى ستين ألف ريال للمشاركة لمدة ساعتين ، ساعتين فقط (!!) . ( الرياض الصفحة الأخيرة الخميس 10 / 8 / 1431 ه ) . لابأس ، هؤلاء مَن يفترض أن يكونوا حملة هموم ، وداءات الانسان ، والمؤثرين في معالجة " الفقر " و" البطالة " لدينا ، ولابأس أن يكون دخل " الحكواتي " عمرو خالد 5 . 2 مليون دولار في السنة ، ولانريد أن نستعرض دخول البعض عندنا . حسب مجلة " فوربز العربية " عن دخول الدعاة . إذن : " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " صدق الله العظيم .