الإسلام بلا جهاد هو منتج استعماري لا علاقة له من قريب أو بعيد بالإسلام الذي نزل على محمد صلى الله عليه وآله. بدون شك فإن أعظم الجهاد هو جهاد النفس، وهذا يثبت أن مفهوم الجهاد في الإسلام لا يقتصر على القتال. لكن هذا لا يعني أن مفهوم الجهاد لا يشتمل على جوانب كثيرة أخرى منها ما هو خاص بعلاقة الفرد بالمجتمع، ومنها ما هو خاص بعلاقة المجتمع والأمة بغيرها من المجتمعات والدول التي تعلن الحرب على مجتمع أو دولة إسلامية ما. ومنذ الحرب الأميركية على ما يسمى بالإرهاب، ظهرت طائفة من الكتاب والباحثين العرب والمسلمين حاولت أن تحصر الجهاد في بعد واحد هو : جهاد النفس. وهو نفس ما حدث في الهند إبان الاستعمار البريطاني حيث ظهرت طائفة ( القاديانية ) أو ( الأحمدية ) التي ألغت العمل بمبدأ قتال المستعمر وأسقطت فريضة الجهاد في بعدها القتالي، مكتفية بالدعوة إلى الالتزام بجهاد النفس! الملفت للنظر أن هذه الدعوات التي تهدف إلى تنحية فريضة الجهاد من الإسلام، تزامنت ولا زالت تتزامن مع وجود أشرس أنواع الاستعمار والاحتلال في العالم الإسلامي، والعالم العربي على وجه الخصوص. وهو ما يلقي بظلال من الشك حول نوايا المثقفين والكتاب والإعلاميين الذين أخذوا على عاتقهم الترويج لإسلام مستأنس يلزم أتباعه بالتعايش مع الاحتلال والتهجير واستيطان الأرض واقتلاع أهلها منها بقوة السلاح! إنني أفهم تماما أننا كمسلمين مطالبون بمراجعة مفهوم الجهاد بعد أن حاولت الجماعات المتطرفة الإرهابية سرقة هذا المصطلح العظيم. كما أنني أفهم تماما أننا مطالبون بالالتزام بشروط وضوابط الجهاد التي تتمثل في الإخراج من الأرض والإكراه في الدين. لكنني لا أفهم أبدا الدعوات التي تطالب المسلمين بإعادة النظر في مفهوم الجهاد من خلال وجهة النظر التي ترفض إعلان حالة الحرب على من يحتل الأرض ويقتل الأبرياء ويهدم البيوت ويشرد الملايين! إن الإسلام دين عدل، وأبسط مبادئ العدل تقضي بضرورة مقاومة الظلم وعدم الاستسلام له. وطبعا فإن الاحتلال هو صورة من أشد صور الظلم. أما إذا أضيف إلى الاحتلال، كل من استيطان الأرض وتشريد الشعب، فإننا نكون قد وصلنا إلى أعظم درجات الظلم التي يمكن أن تقع على الإنسان. ليس هناك إسلام بدون جهاد.