محمد بن عبدالله المشوح - عكاظ لسعودية الحديث عن مهنة المحاماة دائما ما يرتبط بطرفين «المحامي نفسه» والذي يشكو من قسوة مهنته وصعوبة عمله ومعاناته اليومية مع الخصوم والأطراف. أما العميل القادم إلى المحامي فهو يشكو أيضا من علو الأتعاب المطلوبة إلى حد يسميه البعض جشع المحامين وأتعابهم المبالغ فيها. والحديث عن أتعاب المحامين أمر مهم خصوصا ونحن أمام مهنة لازالت تعيش في طور تكوينها. الحقيقة المعروفة لدى الجميع أن المحامين عالميا هم فئة اقتصادية مهمة وهم من ذوي المهن ذات الدخول العالية الجيدة. ولفظة «الأتعاب» هي من الألفاظ التي تكون حصرية على المحامي فحسب وهو تعبير يحمل معه النسبية في كثير من الدول العربية العريقة في هذه المهنة مثل مصر وسورية والسودان وغيرها. ومن المهم أن يدرك المواطن السعودي أن الحديث عن ارتفاع أتعاب المحامين هي شكوى عامة تنسحب إلى دول خليجية وعربية أخرى. ومن الإنصاف أن ندرك بأن المطالبة ببعض الأتعاب الباهظة أحيانا من قبل المحامين المتميزين أو ذوي الخبرة العالية والمهنية الراقية أمر غير مستغرب وذلك قياسا على الأطباء والاستشاريين وغيرهم. لكن في ذات الوقت علينا أن ندرك أن ثمة مكاتب مبتدئة ومحامين متدربين لا يجدون غضاضة في القبول بأتعاب رمزية أو قليلة من أجل بناء الثقة مع العملاء واكتساب الخبرات وهذا يؤكد عملية الاختلاف والتفاوت في الأتعاب وينفي ما يروج له البعض من أن الأتعاب للمحامين مرتفعة مطلقا. ومن المهم أن تدرك الشركات والمؤسسات والقطاع الخاص الآليات الأخرى للتعامل مع المحامين والمتمثلة في صور جديدة مثل العمل الجزئي المقتطع أو بعدد الساعات واحتسابها أو باحتساب نسبة مئوية للقضية المحكوم بها أو المبلغ الذي سيتم التعويض به أيضا وغير ذلك. الأمر المهم الذي قد لا يدركه البعض هو معاناة المحامين في تحصيل أتعابهم من قبل موكليهم وعلى الرغم من وجود عقود واتفاق بين الطرفين إلا أن القضاء العام لا زال يتغاضى عن إعمال ذلك العقد ويلجأ في كثير من الأحيان إلى أجرة المثل والإحالة إلى ذوي الاختصاص لتقدير العمل الذي قام به المحامي مع أن الأصل هو سريان الاتفاق المبرم بين المحامي وموكله خصوصا بعد صدور الحكم ونفاذه وإنهاء العمل المناط به. إلا أن المحامي وبعد لهثه الطويل في القضية والحكم بها لصالح موكله يفاجأ بأن موكله يقول إن الأتعاب المتفق عليها مبالغ فيها ومن ثم يرفض الدفع وتقام القضية للمطالبة بالأتعاب وهنا يصدر الحكم الذي يغض الطرف عن الاتفاق المبرم. المؤكد لدى الجميع أن مطالبات البعض بتوحيد الأتعاب بين مكاتب المحاماة أمر غير ممكن وذلك لاختلاف القضايا ومتابعتها وأطراف الدعوى وغير ذلك مما ينعكس على القضية ذاتها. ومن هنا فإن صاحب القضية هو صاحب القرار في اختيار المكتب المناسب والاسم القانوني الذي قد ينصفه أمام القضاء. المؤمل من وزارة العدل أن يتم إعداد نظام موحد لتقدير أتعاب المحامين عند الاختلاف مع الموكلين أو بالرجوع إلى المادة السادسة والعشرون من نظام المحاماة والتي تنص على التالي «تحدد أتعاب المحامي وطريقة دفعها باتفاق يعقده مع موكله فإذا لم يكن هناك اتفاق أو كان الاتفاق مختلفا فيه أو باطلا قدرتها المحكمة التي نظرت في القضية عند اختلافهما بناء على طلب المحامي أو الموكل بما يتناسب مع الجهد الذي بذله المحامي والنفع الذي عاد على الموكل». مع أنها تحمل في نظري عموما يحتاج إلى تقييد وإيضاح فمدلول كلمة «مختلفا فيه» تفتح الباب على مصراعيه في نشوء قضايا الأتعاب بين المحامي وموكله. ومن هنا فإني أرى أن يتم النظر بدقة في هذه المادة وتعديلها بصيغة تقطع النزاع ولو بشكل نسبي.