أميمة أحمد الجلاهمة *نقلا عن "الوطن" السعودية وأخيرا اعترف أحدهم بالحق، فمنذ أيام تحدث وزير البنية التحتية "الصهيونية"، "بنيامين بن إليعازر" مظهرا قلقه البالغ من الحالة التي آل إليها هذا الكيان، ففي تصريح له نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" قال: (العالم الكبير سئمنا، وكفّ عن التعاطف مع مشاكلنا، حتى وإن كانت حقيقية، العالم لم يعد يريد سماع المزيد من تبريراتنا لاستمرار الاحتلال، ولم يعد لدينا حليف نتحدث معه، عمليا سياستنا فشلت!) كما أضاف: (لسنا نحن من يفرض حصاراً على غزة، إنما نحن في قلب حصار وعزلة تاميْن.). نعم.. لقد سئم العالم منكم ولم تعد ألاعيبكم تنطلي على أحد، ولم يعد صوتكم يسمع، ولن تجدوا أحدا يرأف بحالكم، نعم.. أنتم تشاركون أهل غزة حصارهم، بل إن الحصار النفسي الذي أطبق على أنفاسكم قاض عليكم لا محالة، فحتى أنصاركم.. وهم اليوم قلة – بحمد لله - يدركون أنكم دولة عصابات، وأنكم نشاز خارجون عن المجتمع الدولي الذي يسعى لإنهاء نزاع استمر بسبب تعنتكم عقودا متتالية. ولم يكتف"بن إليعازر" بهذا الاعتراف الذي لو استطعت لكتبته بماء الذهب، بل نقل كلمات سمعها من شخصيات رسمية لدول أوروبية، إذ قال: (سمعت وزير الخارجية الفرنسية "برنار كوشنير" يقول إن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وسمعت وزيرة كبيرة في السويد تنعت إسرائيل بأنها نظام فصل عنصري.. والتقيت رئيس إحدى أكبر الشركات الذي بشرنا بقطع علاقات الشركة مع إسرائيل) هذه المواقف الشجاعة لهؤلاء هي من وجهة نظري بمثابة مسامير دقت في نعش هذا الكيان المتهالك بإذن الله. وإذا ما رجعنا لحديث "بن إليعازر" سنجده يقول : (إنه خلال مشاركته مؤخرا في مؤتمر اقتصادي في الدوحة، قام المسؤولون في الإمارة بإبلاغه بالحرف الواحد أنّه حسنا يفعل إذا غادر البلاد وعاد إلى إسرائيل) كما بين أنه: (وأثناء تناوله لطعام الإفطار في الفندق، توجّه إليه أحد المندوبين لدولة غربيّة واسعة التأثير وقال له بالحرف الواحد: أنتم في إسرائيل عصابة من الحيوانات.!). (عصابة من الحيوانات) (نظام الفصل العنصري) أوصاف لم يسمعها وزير البنية التحتية الصهيونية، "بنيامين بن إليعازر" من الإعلام الذي قد يكون منصفا في بعض الأحيان، بل سمعها من شخصيات غربية تمثل بلادها أروع تمثيل. أما عن "دولة قطر" فالحقيقة أنه مع كوني أقف موقف المعارض من سياسة التطبيع، إلا أن استقبال "إليعازر" ثم طرده ولو بشكل سياسي أثلج صدري، فهذا التحرك لا يمكن بحال أن يكون اجتهادا شخصيا من مسؤول أيا كان منصبه، بل هي كما أظن سياسة انتهجتها دولة قطر، فهذا الكيان لم ولن يقدر التطبيع الاقتصادي ولن يرضيه إلا الاستسلام والتسليم المطلق ودون أية شروط، ومن كافة الدول العربية، ولا أستبعد أنه يحلم باحتلال منابع البترول وتشغيل شبابنا كعمالة رخيصة وتحويلنا لدول منزوعة السلاح! لقد انتهى"بن إليعازر" إلى حقيقة ندركها نحن العرب كما يدركها العالم، وهي أن العالم برمته غير نظرته لهذا الكيان الصهيوني، الذي ما زال عليلا لا يفرق بين الليل والنهار فقد قال: (إن العالم برمته قام بتغيير نظرته تجاهنا، ونحن لا نستوعب ذلك.!!). أما فيما يتعلق بعملية السلام فقد قال: "إن نتنياهو مدرك أن العالم لا يقبل فكرة مواصلة إسرائيل احتلال الأراضي الفلسطينية، وعلى رئيس الحكومة أن يتحرك على هذا الأساس، لا أن ينتظر رئيساً أمريكياً مثل جورج بوش أو بيل كلينتون... على نتنياهو التعاطي مع ما هو موجود الآن". وفي هذا إشارة واضحة إلى أن الكيان الصهيوني لم يفقد حلفاءه في أوروبا فقط، بل إن الولاياتالمتحدةالأمريكية في عهد أوباما لم تعد على حالها الذي كانت عليه، فهي وإن كانت ما زالت تعلن تحالفها المطلق للكيان الصهيوني، إلا أنها أصبحت وخلف الكواليس تأخذ بعين الاعتبار مصالح حلفائها في الشرق الأوسط. وجدير بالملاحظة هنا ما جاء على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي زعيم حزب "العمل" أيهود باراك" لا من ناحية سياسية بل من ناحية عسكرية، فقد طالب مؤخرا الحكومة الصهيونية : "بإزالة الألغام من علاقاتها مع الولاياتالمتحدة، وطرح مبادرة سياسية جدية لتحقيق اختراق في الجمود الحاصل وعدم التورط أكثر". وإلى هنا قد نجد في كلامه شيئا من المنطق، إلا أنه قال : "إن إحراز تقدم فعلي في العملية السياسية سيتيح لإسرائيل هامشاً أوسع للقيام بعمليات عسكرية ضرورية للحفاظ على أمنها"!!. فهل يعني أن إحراز تقدم صوري في عملية السلام سيكون له دور في تقبل العالم لعمليات عسكرية يجدها "باراك" الدراكولا ضرورية؟! وهل هذه العمليات هي النتيجة الحتمية لتلميحات صهيونية جارية على قدم وساق في الآونة الأخيرة؟! والتي كان آخرها نشرهم لوثائق وصور تدعي من خلالها أن حزب الله خزن أربعين ألف صاروخ في قرى لبنان منذ الحرب التي شنتها على لبنان عام 2006م، وإلى أن حزب الله نقل أسلحته إلى داخل القرى المأهولة بالمدنيين، فهل الغرض من حديثه هذا التلميح إلى طبيعة عمليات عسكرية وشيكة؟! عمليات يظهر من كلامه أنها ستستهدف قصف المدنيين، وإلا ما الغاية من ادعاء الجيش الصهيوني مؤخرا رفعه السرية عن تلك الوثائق، وزعمه أن الصواريخ تم تخزينها في قرى مأهولة بالسكان؟! على أية حال أتمنى أن يتعقل هذا الكيان ولا يكرر جرائمه، فحال العالم عام1431ه، 2010 م ، يختلف عن حاله عام 1427ه 2006م.