عبدالله صايل - الاقتصادية السعودية يمكنك التعرف عليهم بسهولة! والحديث هنا لا يشمل المسافر منهم لشهر العسل، فهذا يسهل تمييزه بسبب القميص الضيق الذي يرتديه (ليثبت للعروسة أنه نحيف)، ناهيك عن عدم انفصال يده عن يد عروسه.. ويكون الاشتباك مترجما حرفياً لعبارة: متى نوصل؟ أنا أتحدث اليوم عمن يسافرون مع زوجات ارتبطوا معهن بوثاق سنوات طويلة من الزواج ونتج عنها مراهق لا يتورع عن أن "يجعر" ل (بابا) في أروقة المطار طالباً مائة ريال لشراء "فرابتشينو"! أو ابنة في المرحلة المتوسطة لا ينقطع اتصالها بصديقتها "جوجو" عبر ال "بي- بي" لشرح احتمالات الوناسة في بلاد الجبال الباردة .. اللي تهبّل .. وبعد ثلاثة أيام بدون (صاحباتي) .. تململ! هؤلاء عادة يجلسون في صالات المغادرة في المطار تاركين فجوة في المنتصف، وفي هذه الفجوة تكون هناك طفلة في بدايات المرحلة الابتدائية .. وربما في ال (كي- جي-3)! ودائماً ما تتعمد الزوجة التحدث إليها لتثبت لكل من في المطار أنها لم تغادر الثلاثين من عمرها حتى اللحظة! أما الزوج المسافر على مضض .. فغالباً ما ينظر إلى الأمام .. ويمد شفتيه للخارج .. متعمداً قراءة رسائل نصية قديمة وصلت إلى هاتفه النقال في عيد الأضحى اللي فات .. على أقرب تقدير!! وواضح جداً أنه يدفع ديناً قديماً ناتجا عن سفره لوحده ثلاث مرات خلال السنة بحجة انتداب، واجتماع .. و"المدير الغثيث ملزّم إني أطلع معه للاجتماعات"! وللقريب منه .. لن يطول الوقت قبل أن يستنشق رائحة العطر الفرنسي الذي تطيب به .. ويشبه في فحواه خليط البهارات الساخنة للتعبير عن وافر النزق ومديد الضجر! هذا النوع من المسافرين هو السبب الرئيس في اكتظاظ مكاتب الطيران بالمراجعين في البلد المضيف! فغالباً ما تشتعل نيران الخلافات بعد انقضاء الأسبوع الأول .. ويصبح من المستحيل إتمام الرحلة حسب الجدول الزمني المخطط لها! فالتوجهات المتعددة لكل فرد من أفراد الأسرة هي الشرارة في أي خلاف لدى هذه الفئة من المسافرين. (هو) يريد أن يجلس في المقهى وأن ينغمس بالكامل لساعات في الرد على الرسائل النصية القادمة من هواتف إخوته وأصدقائه! (هي) تريد أن تفني نهارها كاملاً في التسوق لها ولأخواتها ومن عزّ عليها! (الولد) يريد أن يقضي نهاره وليله جائلاً في شوارع البلد المضيف .. ولا يرد على هاتفه الخلوي .. ويحتاج إلى تواجد أكثر من منقذ لفك اختناقاته المالية في الملاهي وأماكن التجمعات الخليجية! (البنت) لا تريد أن يوجهها أحد .. وتتذمر من تكليفها بالاهتمام بشقيقتها الصغرى .. وتكرر دائماً على مسامع الجميع: (طفشششش .. متى بنرجع؟!). هذا باختصار.. لكن يظل الإطار العام حافلا بتفاصيل يصعب حصرها في حيز كهذا! ومع ذلك لو سألتهم في كل صيف وقلت: هل ستكررون نفس المأساة الصيف القادم؟ لأجابوك: مستحيل.. تووووووبة! بنصيف مع عيالنا في بيوتنا! وهذا ما لن يحدث أبداً!! فالمسافر وزوجته يبحثان عما لم يحققاه في البيت .. فكيف عساه سيتحقق في السفر؟!