لا أدري كيف يشعر الرجل الذي ظن أن مشكلة الولاياتالمتحدة مع العالم مسألة سمعة سيئة، وسوء تواصل! تلقى الرئيس باراك أوباما صفعة جديدة من إيران التي مد لها يده عدة مرات، هذه المرة الصفعة مؤلمة لا مهينة وحسب. في اللحظة الأخيرة لجأت حكومة طهران إلى حيلة أخرى، استضافت الرئيس البرازيلي عبر حلفائها وجلبت تركيا كشاهد زور، وقالت إنها قبلت بتبادل التخصيب. بذلك أربك نجاد كل مخطط أوباما، الذي أرجأ عدة مرات أي خطوة عقابية على أمل أن يقنعه بالكف عن مشروع السلاح النووي ووعده بكل ما يتمنى ويريد. طبعا إن صدَقت إيران هذه المرة فهي معجزة لكن كل الدلائل تدل على أنها مجرد أرنب آخر من قبعة الساحر الإيراني. على العكس تماما، التباطؤ من قِبل أوباما، ورفضه التلويح باستخدام القوة بشكل جاد، أعطى الجميع، لا طهران فقط، القناعة أن لا شيء سيوقف المشروع الإيراني، سلاحا نوويا كان أو تقليديا. سرقت إيران اقتراحا طرحته السعودية وروسيا في العام الماضي بالتخصيب الإيراني خارجيا، فتحصل من خلاله على ما تريد من الوقود النووي ويتوقف التهديد الدولي ضد إيران. رفضت الفكرة جملة وتفصيلا وقالت يستحيل أن تقبل بنقل يورانيومها خارج حدودها. وعندما تبقت أيام قليلة على إقرار العقوبات الدولية أذاعت أنها سترسل جزءا من اليورانيوم إلى البرازيل عبر تركيا! لم تضمّ إلى اقتراحها شهودا عدولا للتأكيد على صحة العملية، وبالتالي بات واضحا أن هدفها إحراج أوباما أمام العالم. ودون أن تدرك الإدارة الأميركية الحالية طبيعة النظام الإيراني في المنطقة فإنها ستجد نفسها محاصرة، كما حوصرت إدارة الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر الذي خرج من البيت الأبيض مهانا في عام 1980 رغم سلسلة من التنازلات أهداها إلى قيادة الثورة الإيرانية. اليوم شقت حكومة نجاد الصف الدولي حيث تراجعت الصين، وسكتت روسيا عن حديث العقوبات، وأطلقت فرنسا سراح سجينين جُرّما في السابق مقابل رهينة فرنسية، وكانت الحكومة الفرنسية تقول في السابق إن من المستحيل أن تقايض مجرمين محكومين في فرنسا برهينة سُجنت ظلما، لكنها فعلت أخيرا. وما دامت إيران، وحليفاتها وبقية الدول المترددة، تعرف جيدا أنه لا توجد عقوبات حقيقية فعالة ضد ممارسات طهران ومخالفاتها فلاشيء جديدا سيتغير إلا في اتجاه واحد هو الأسوأ. إذا كانت حكومة أوباما لا تريد ارتكاب مغامرات عسكرية، فهل هي في وضع يسمح لها بالمزيد من الخسائر الدولية، وقد جربت على مدى 16 شهرا السياسة الحقيقية التي لا علاقة لها بزخرف البيانات ووعود السماسرة والتعهدات الكلامية؟ لقد جاءت الحيلة الإيرانية في وقتها الذكي تماما، فأربكت الأميركيين الذين حاولوا تطويقها بالاستعجال في رفضها، والتأكيد على استمرارهم في مشروع العقوبات الدولي الذي صار تنفيذه أصعب اليوم وأبعد من الأسبوع الماضي. إيران هي البلد الوحيد في العالم الذي شغل أوباما منذ أول يوم تسلم فيه منصبه وحتى اليوم، ولا تزال الضرس الموجع المدمي. وقد أعطى أوباما نجاد، رغم الثورة الداخلية المستمرة في العاصمة طهران ضده، من التنازلات ما فاق كل تمنياته ورجاءاته في الثلاثين سنة الماضية. النتيجة المزيد من التخصيب، والم