طرائف الشرطة الألمانية في 2025    شغف صقارة    رحيل المخرج المصري عمرو بيومي    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    علاج جيني روسي لباركنسون    إلغاء سندات لأمر في التمويل لبطاقات الائتمان    كريستيانو رونالدو يتوّج بجائزة أفضل لاعب كرة قدم في الشرق الأوسط لعام 2025    أسفلت بالطحالب يقاوم الحفر    القبض على مواطن لنقله مخالفًا لنظام أمن الحدود في جازان    وزير الدفاع اليمني يُثمّن دعم المملكة ويؤكد الثقة بقيادتها    ترامب: زيلينسكي وبوتين "جادان" بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا    اللجنة السعودية التونسية المشتركة توقع 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم تكاملية    اللجنة المحلية المنظمة لكأس آسيا "2027 السعودية" تستعرض جاهزية الاستعدادات للبطولات القارية المقبلة    أرقام النصر القياسية تزين روشن    هل استعصى الحل مع قسد    رفض واسع يطوق قرار نتنياهو ويفشل رهاناته في القرن الإفريقي    مدينة الفل تنثر الثقافة وتروي تاريخ الأجداد    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    استشاري التدريب التقني يناقش التخصصات الجديدة والاستثمار الواعد    أبها يتمسّك بالصدارة.. والدرعية يقفز إلى الوصافة    الاستديو التحليلي يطوّر قراءة أشواط مهرجان الملك عبدالعزيز للصقور    تهيئة محيط مشروع المدينة العالمية بالدمام وتعزز انسيابية الحركة المرورية    فرع الشؤون الإسلامية بالقصيم ينفّذ أكثر من 2600 منشط دعوي خلال شهر    أمير حائل يدشّن مشروعات تعليمية بالمنطقة بأكثر من 124 مليون ريال    إطلاق خدمة تصوير الرنين المغناطيسي للأجنة بمستشفى الولادة والأطفال ببريدة    بدء استقبال وثائق مقدمي خدمة إفطار الصائمين في رمضان بالحرمين    "التجارة" تشهر ب 60 مواطنًا ومقيمًا لارتكابهم جرائم التستر التجاري    ديوان المظالم يطلق أول هاكاثون قضائي دعمًا للابتكار    ماذا يقفد آباء اليوم ؟!    أمانة القصيم تعزز الأجواء الشعبية بفعالية الطبخ الحي في حديقة إسكان بريدة    باكستان تدين اعتراف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بما يسمى أرض الصومال    رحل إنسان التسامح .. ورجل الإصلاح ..    السماء أكثر زرقة وصفاء في الشتاء لهذا السبب    ختام رائع لمهرجان كؤوس الملوك والامراء 2025    اختتام الدراسة المتقدمة للشارة الخشبية في نجران بمشاركة 40 دارساً ودارسة    ناويا إينوي يحافظ على لقبه العالمي في ليلة الساموراي بمحمد عبده أرينا    إصابة خالد ناري بكسور في القفص الصدري بسبب حارس النصر    53 مليار ريال حجم الامتياز التجاري    مسيرات الجيش تحدّ من تحركاته.. الدعم السريع يهاجم مناطق ب«الأبيض»    رواية تاريخية تبرز عناية الملك عبدالعزيز بالإبل    لطيفة تنتهي من تصوير «تسلملي»    فسح وتصنيف 70 محتوى سينمائياً    وسط تحذيرات أمنية من تصاعد الهجمات.. إسرائيل تكثف عملياتها العسكرية في الضفة    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    أفراح التكروني والهوساوي بزواج محمد    ضمن جهودها لتعزيز الرقابة الصحية.. جولات رقابية لمراكز فحص العمالة الوافدة    كشافة «عين جالوت» يتقلدون المنديل    في كأس أمم أفريقيا بالمغرب.. الجزائر والسودان يواجهان غينيا وبوركينا فاسو    جيك بول.. ظاهرة تستحق التوقف عندها    موجز    عصير يمزق معدة موظف روسي    مختص: لا ينصح بأسبرين الأطفال للوقاية من الجلطات    وزير الداخلية: يطمئن على صحة رجل الأمن الجندي ريان آل أحمد    إطلاق 61 كائنًا بمحمية الملك خالد    أمير المدينة يتفقد العلا    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثيقة القضاء على التمييز ضد المرأة
نشر في أنباؤكم يوم 06 - 05 - 2010


د. حمزة قبلان المزيني *نقلا عن "الوطن" السعودية
تأتي ضرورة العودة إلى هذه الاتفاقية من رسم مؤتمر البحرين صورة قاتمة لها. ويتماشى هذا مع رغبة بعض الحزبيين في اتخاذ موضوع المرأة منبرا لتأكيد حضورهم ، كما كتبت في الأسبوع الماضي، ذلك أنهم يوحون بوجود مؤامرة أخطبوطية هدفها إخراج المرأة المسلمة، على وجه التخصيص، من ثقافتها.ومما يبين عدم صحة هذا التشويه أن وثيقة الاتفاقية ليست إلا توصية دولية للدول التي ترى التوقيع عليها لإصلاح كثير من مظاهر التمييز في الثقافات التقليدية ضد المرأة.
وليست هذه الوثيقة "غربية" كما يُزعم، فهي وثيقة دولية نابعة من الأمم المتحدة، ويشارك في عضويتها، ويرأسها في بعض الدورات، أفراد مسلمون. ويبدو أن المؤتمرين في البحرين يلعبون في الوقت الضائع؛ ذلك أنهم مسبوقون إلى كثير من الاعتراضات التي عبر عنها بيانهم الختامي. وقد وقَّعت كثير من الدول الإسلامية، ومنها المملكة والبحرين، على الاتفاقية. إذ وقعت المملكة عليها في سنة 2000م، وسجلت تحفظها على بعض المواد مشترطة عدم مخالفة الوثيقة للشريعة الإسلامية. كما أبلغت المملكة هيئة الأمم المتحدة في سنة 2008م أنها أسندت مهمة التعامل مع الوثيقة إلى هيئة حقوق الإنسان في المملكة.
ولمعرفة المزيد عن الوثيقة يمكن الاطلاع على مقال كتبه المحامي الأمريكي كورتني جولدزوورثي بعنوان "لماذا فشلت الولايات المتحدة في توقيع السيداو: نظرة على المشكلات المدعاة المتعلقة بالتوقيع"، 2005م، يستعرض فيه مواد الاتفاقية ويبين مقتضياتها القانونية والثقافية ويناقش التحفظات التي تقف في طريق توقيع الولايات المتحدة عليها وبين عدم وجاهتها.
(Courtney Goldsworthy, "Why the United States Has Failed to Ratify the CEDAW: A Look at Purported Problems with Ratification")
فيبين المقال أن اعتراضات بعض التيارات الأمريكية المحافظة على الوثيقة ناتجة عن سوء فهم لنصوصها ومقتضياتها. وتماثل تلك الاعتراضات الاعتراضاتُ التي ربما كانت في أذهان المؤتمرين في البحرين وغيرهم.
فيبين جولدزوورثي أن الاتفاقية تشرف عليها لجنة ينتخب أعضاؤها بشكل "لا يأخذ التوزيع التقليدي المتساوي جغرافيّا فقط في الحسبان، بل ينظر كذلك إلى تمثيل الأشكال المختلفة للثقافات، بالإضافة إلى الأنظمة القانونية الرئيسة". وتعقد اللجنة اجتماعا دوريا تراجع فيه التقارير التي تقدمها الدول الموقعة عليها. ولا تلزم الدول الموقعة بتقديم تقارير عن الدول الموقعة الأخرى، ولا تقبل التقارير التي يتقدم بها الأفراد. ولا تستطيع اللجنة اتخاذ أي إجراء ضد المخالفات لها. والعلاج الوحيد للمخالفات هو إبرازها في تقرير اللجنة السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة.ويبين أن الوثيقة ليست ملزِمة، فهي لا تُلزم بأي تغيير للقوانين المحلية المعمول بها، كما أنها لا تسعى إلى إعادة تنظيم الحياة العائلية وبِنيتها، إنما تسعى فقط لتبنِّي برامج إعلامية عامة وبرامج تثقيفية للمساعدة على القضاء على أنواع التمييز النابعة من المعايير التقليدية الخاصة بالجنس وهي التي تَحول دون إعمال مبدأ المساواة الاجتماعية بين المرأة والرجل. ولا تسعى الوثيقة للتدخل في أدوار الأبوة والأمومة، لكنها تدعو فقط للاعتراف بمسؤولية الرجال والنساء المعهودة في تربية أبنائهم، وتدعو إلى ما هو أفضل للطفل. ولا تسعى الاتفاقية لتشريع الإجهاض على المستوى العالمي، ويشهد بذلك أن بعض الدول، مثل أيرلندا وراواندا، وقعت الاتفاقية مع أنها تحرم الإجهاض. ولا تدعو الوثيقة إلى إصدار قوانين تشرع للزواج المِثلي.ومن الاعتراضات المألوفة على الوثيقة أنها يمكن أن تشرِّع لإباحة "البغاء"، لكن الوثيقة لا تدعو إلى تقنين هذا الفعل إلا في دول مثل الصين التي يصل فيها البغاء والمتاجرة بالأطفال لهذا الغرض حد الوباء، وليس لكل الدول. كما تسعى الاتفاقية لتمكين النساء اللاتي يقعن ضحايا للاعتداءات الجنسية من التقدم من غير خوف من العواقب لطلب العلاج من فيروس نقص المناعة والإيدز والأمراض الجنسية الأخرى والحصول على العناية الصحية والتثقيف ومنع ممارسات الاستعباد الجنسي.ويبين المقال أن هذه الاتفاقية من أكثر الاتفاقيات الدولية وقوعا تحت طائلة التحفظات، فقد تحفظت عليها خمس وعشرون دولة من الدول الموقعة بما مجموعه ثمانية وستون تحفظا. وتنبع بعض التحفظات من أن هذه الاتفاقية تقصرعن مستوى الحقوق التي تتمتع بها المرأة في الدولة المتحفظة.لكن أوضح التحفظات جاءت من الدول الإسلامية وهي تؤكد على أولوية الأحكام الشرعية على مقتضيات الاتفاقية. ويمثل تحفظ المملكة على الاتفاقية التحفظ الرئيس الذي سجلته الدول الإسلامية كلها. وهي تحفظات عامة لا تبين النقاط المحددة في الاتفاقية التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية. ويبين جولدزوورثي أن تحفظات الدول الإسلامية قد قُبلت مع أن الواضح أنها لا تساعد على تحقيق أهداف المساواة بين الجنسين التي تتضمنها الاتفاقية، كما أنها لا تعلي من هدف القضاء على التمييز. بل إن هذه التحفظات تبدو كأنها كما يقول تعلي من التمييز بين الجنسين وتلغي كثيرا من مبادئ الوثيقة ، لأنها تعطي الدول المتحفظة حقا غير مقيد لتحديد المدى الذي يمكن أن تتقيد في إطاره بتلك المبادئ المعهودة (ويشهد لهذا منع المرأة السعودية من ممارسة حقها في قيادة السيارة).أما امتناع الولايات المتحدة عن التوقيع النهائي على الاتفاقية، على الرغم من توقيع الرئيس كارتر عليها سنة 1980م، فله أسباب كثيرة يعود بعضها إلى طبيعة عمل الكونجرس الأمريكي وبطء وزارة الخارجية في العمل، لكن بعض الأسباب تعود إلى معارضة التيارات المحافظة لكثير من حقوق المرأة، بل إن أحد المخاوف الذي يقف وراء هذه التحفظات أن هذه الاتفاقية يمكن أن تساعد على تشريع التعديل الدستوري المسمى ب"تعديل المساواة في الحقوق" الذي ظلت كثير من الولايات تعارض تبنيه. وهناك أسباب أخرى لهذا الامتناع لم يذكرها جولدزوورثي. وهي الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة تمتنع عن التوقيع على اتفاقات دولية أخرى مهمة، مثل اتفاقية كيوتو بشأن التغييرات المناخية متعللة بحجج واهية، وعدم توقيعها على اتفاقية "محكمة الجزاء الدولية" مسوغة ذلك بأن هذه المحكمة يمكن أن تشرِّع لمحاكمة بعض المسؤولين والجنود الأمريكيين، وغير ذلك.لا ومن هنا فإن الفزع الذي يسعى مؤتمر البحرين والمؤتمرات المشابهة لإثارته ضد هذه الاتفاقية يمكن أن يكون نابعا من سوء الفهم أو من سوء النية، وربما لا يعدو أن يكون هدف هذا التخويف رغبةَ التيارات المؤدلجة في الاستحواذ على المجال العام في الدول الإسلامية، وتبيين مدى "سلبية" حكوماتها بسبب توقيعها على الاتفاقية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.