نسعد كثيرا حين يخرج علينا أهل العلم الشرعي في حوارات ومناظرات مباشرة لطرح وجهات نظرهم وآرائهم وتفسيراتهم للقضايا التي تمس حياة المجتمع بشكل مباشر، لا سيما حين يكون بعضها قد تسبب في جدل طويل وأثار خلافات متصاعدة الحدة .. ذلك ما يمكن قوله ونحن نشاهد ما دار في برنامج «البينة» على قناة اقرأ بشأن مسألة الاختلاط التي رمى الدكتور أحمد قاسم الغامدي حجرا كبيرا في بحيرتها ليتحرك ماؤها وتتناثر قطراته في كل اتجاه. حلقة الأمس بدأت بداية جيدة حين أكد مقدم البرنامج وأقسم أنه سيلتزم الحياد بين الدكتور الغامدي من جهة والدكتور محمد النجيمي والدكتور أحمد الحمدان ومعهم جمهور المتصلين من جهة أخرى، وقد اجتهد المقدم في الالتزام بالحياد ولكنه للأسف لم يصمد حتى النهاية حين سقطت منه جملة مدوية نسفت ما تقدم من حياده، فقد قال الدكتور الغامدي إن التشدد والغلو في عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يكون سببا في إسقاطها، وذلك في رده على أحد المتصلين الذي أعاد إسطوانة المشروع الغربي الذي يستهدف القضاء والهيئة وتعليم البنات، وهنأ الغرب بوجود الدكتور الغامدي الذي يتبنى مشروعه، أقول حين ذكر الدكتور الغامدي رأيه ذلك، بادر مقدم البرنامج بشكل تلقائي ليسأل الغامدي:- ألا تعتقد أن هذا (التفلت) يدفع التكفيريين لتبني وجهات النظر المتشددة. هنا يكون مدير المناظرة قد أسقط حياده بشكل واضح لأنه تبنى رأيا واضحا في القضية، وبذلك يكون قد دخل في خندق الدكتور النجيمي والدكتور الحمدان اللذين مع كامل التقدير لطرحهما لم يكونا منصفين تماما في مناظرتهما للدكتور الغامدي لأنهما تبنيا ما يشبه الهجوم المنسق أكثر من كونهما يناظران شخصا محسوبا على أهل العلم الشرعي وقطبا من أقطاب مؤسسة دينية مهمة.. لم تكن هناك ضرورة لتسفيه رأيه والسخرية منه والتقليل من علمه والاستهزاء به إلى حد القول بأنه أي الدكتور الغامدي قد يحلل الخمر لأنه لا يفرق بين الآيات التي نزلت قبل وبعد تحريمها، ما دام لا يفرق بين الآيات التي نزلت قبل وبعد فرض الحجاب. إننا نود الاستفادة من مناظراتكم أيها المشائخ، ولكن يجب أن تكونوا قدوة للآخرين في آداب الحوار والاختلاف. استمروا في نقاشكم ولكن بالصورة التي تفيدنا، وليس بالصورة التي تجعلنا نأسف على العلم وأهله.