صحيح أن فورة الغضب على الدكتور محمد العريفي بسبب إعلانه الذهاب إلى القدس لتسجيل برنامجه التلفزيوني قد خفت، لكن من الطبيعي ألا يمر هذا الإعلان دون أن يعرف الناس ما هو مغزاه . وبالتالي لابد من توسيع النقاش بصورة أشمل .. وليكن مدخلنا إثارة سؤال طبيعي مثل : هل يحتاج مقدم البرامج الدينية إلى نجومية جماهيرية ، عن طريق الإثارة والوعد بأشياء لا يمكن تحقيقها ولا تصديقها ؟ الآن وبعد أن برر في برنامجه الجمعة الماضية في قناة إقرأ أنه ما كان ينوي الزيارة ، ازدادت ضرورة توسيع هذا النقاش .. وإضافة سؤال آخر: هل كان للإعلان مصداقية وسلامة في المقصد ؟ هناك ملايين المسلمين من كافة البلدان العربية والإسلامية يتشوقون في كل يوم وليلة للذهاب إلى القدس الشريف والصلاة في أولى القبلتين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن بسبب احتلال اليهود لها وتهجير أهلها لإقامة عاصمة إسرائيل فيها ، وضع هؤلاء بأنفسهم حظراً مرجعيته ( قيم ) لا تسمح لهم بشد الرحال إليها ، لذلك أجمع المسلمون ومعهم العلماء من كافة المذاهب على منع زيارة القدس تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي لأنها تؤدي إلى أمرين في غاية الهوان : الأول ، إعطاء إسرائيل اعترافاً بأحقيتها في امتلاك بيت المقدس وإضفاء شرعية لسلطتها . الثاني ، الإذعان لإسرائيل للحصول على موافقتها لإذن لا تملكه. إزاء هذا الوضع لا يحق لأحد أن يخطف الفرصة من أمام المسلمين ويعلن عن زيارة للقدس يعلم أنها مستحيلة ، لا ترضى عنها الشعوب ولا تأذن بها الحكومات . لو أنه فعل ذلك ، فكأنه يأتي من خلف إجماع المسلمين ويسلب حقهم الذي اتخذوه لمقاومة التطبيع ، فقط لأنه يملك برنامجا إعلاميا . وبالتالي لا يملك الانسان إلا أن يقول إن القصد من إعلان الزيارة كان وراءه الإثارة لتحقيق الشهرة والترويج على حساب المضمون .. وتحقيق نجومية جماهيرية على حساب مرجعية مقاومة التطبيع مع إسرائيل . كان يمكن للدكتور العريفي أن ينفي خبر الزيارة في نفس اليوم ويبطل جميع التفسيرات والتأويلات ، لكنه لم يفعل ، لذا وبغض النظر عما جاء بعد الإعلان من تبريرات ، يؤخذ مما قاله عن تخوفه من الغدر – لو تمت الزيارة – أنه فعلاً كان ينوي الزيارة .. وأنه تراجع عنها بعد اعتراض الرأي العام و اعتراض المنظمات الإسلامية عليها ، الأمر الذي أعاد النقاش للتشكيك في المقصد والأسلوب.