قلت في مقال سابق هنا، وقال غيري إن نجاح مشاركة المرأة في انتخابات الغرف التجارية يكفي دليلا على ضرورة مشاركتها في الانتخابات البلدية ناخبة ومنتخبة، فوزارة التجارة ووزارة الشؤون البلدية وزارتان في بلد واحد وما يجوز هنا قطعا يجوز هناك، والأمر واضح. لكن فيما يبدو فإن وزارة الشؤون البلدية ليست مقتنعة بتجربة وزارة التجارة، ولهذا أحالت مسودة نظام الانتخابات القادمة في 2011 إلى أعضاء المجالس البلدية الستة والثلاثين الحالية لمناقشة مشاركة المرأة في الانتخابات القادمة عبر (مداولات سرية) للغاية، ولا أدري لماذا سرية. طالما أن وزارة البلديات غير مقتنعة بتجربة الغرف التجارية، وترى أن أمر مشاركة المرأة يتطلب بحثا ودراسة ومداولات فلعل ذلك يكون خيرا ومفتاحا لإعادة النظر في استمرار المجالس البلدية نفسها بصيغتها الحالية والبحث عن صيغة أفضل لتحقيق هدف الانتخابات في خدمة الوطن. إنني آمل أن يحال النظام إلى مجلس الشورى ليناقش النظام كله ومن ثم يأخذ طريقه إلى الإقرار من قبل مجلس الوزراء كما هي العادة، وأثناء ذلك ينشر نص النظام المقترح عبر وسائل الإعلام المحلية لعرضه على الرأي العام وإقامة ندوات وحوارات حوله ستكون مفيدة حتما للنظام الجديد الذي يهم المجتمع كله ليس حول مشاركة المرأة فقط، بل حول المجالس البلدية ذاتها وجدوى استمرارها في ظل وجود مجالس محلية في كل محافظة هي الأولى بأن يتم انتخاب أعضائها نظرا لشمولية مسؤولياتها عن كل ما يخص المحافظات بينما مسؤوليات المجالس البلدية لاتتجاوز حدود البلديات التي هي عضو واحد في المجالس المحلية. إنني أعتقد أن عرض نظام الانتخابات البلدية على مجلس الشورى وعلى الرأي العام من شأنه الوصول إلى صيغة أفضل للاستفادة من الانتخابات في خدمة الوطن، لأن الانتخابات في حد ذاتها ليست هدفا وإلا تحولت إلى شكليات لا معنى لها ولا فائدة منها، والصيغة الأفضل في نظري هي أن تتم المناقشة في ضوء وجود المجالس المحلية وأيهما أشمل مسؤولية وأفضل أن يتم انتخابه، فالمجلس المحلي يضم جميع مسؤولي الإدارات الحكومية في كل محافظة مع عدد مماثل من المواطنين يجري تعيينهم والمجلس يرأسه المحافظ، وهو مجلس مسؤول عن جميع الخدمات والأنشطة والتنمية في المحافظة، بينما المجلس البلدي لاتتجاوز صلاحياته متابعة ومراقبة نشاط البلدية، ووفق هذا فكأننا نحتاج إلى انتخاب مجلس صحي وآخر تعليمي وثالث اجتماعي...إلخ وهكذا، بينما يمكن اختصار كل ذلك في انتخاب المجلس المحلي، وإذا كانت التسمية ليست ذات بريق فلا مانع من تسميته بالمجلس البلدي ويكون مثل نظائره في بلدان العالم المتقدم. إنني أرجو ألا يصرفنا النقاش حول مشاركة المرأة في الانتخابات عن جدوى المجالس البلدية نفسها في ظل وجود المجالس المحلية، فمشاركة المرأة فيما أعتقد محسومة من خلال نجاح مشاركتها في الغرف التجارية أما المجالس البلدية فلا أعتقد أن هناك من يستطيع أن يثبت أن استمرار انتخابها أجدى من المجالس المحلية.