خالد قماش - عكاظ لسعودية في عام 1664م كتب الكاتب الفرنسي موليير مسرحية تارتوف، رسم فيها شخصية رجل دين فاسد يسمى تارتوف، يسعى إلى إشباع شهواته وهو يتظاهر بالتقوى.. وقد ثارت الكنيسة الكاثوليكية آنذاك بشدة ضد موليير ومنعت المسرحية من العرض خمسة أعوام كاملة، وبرغم المنع فقد تحولت تارتوف إلى واحدة من كلاسيكيات المسرح حتى صارت كلمة تارتوف في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، تستعمل للإشارة إلى رجل الدين المنافق! بعدها ألقت أوروبا كل حمولاتها الدينية وأثقالها الأيدلوجية، ومارست حياتها الطبيعية نحو التمدن والتقدم؛ لتركب قطار الحضارة وتنهض من غفوتها وعصورها المظلمة وتبني وتبتكر وتعيش الحاضر وتؤسس لمستقبل أكثر إشراقا وعدالة وتسامحا. ونحن ما زلنا نقرن قداسة المكان بمكانة الأشخاص، وكأننا بهكذا وصاية نصور الناس على أنهم يعيشون لا مؤاخذة كالبهائم السائبة، التي لا تعترف بمنطق ولا يحكمها دين ولا عرف ولا أخلاق! والمتتبع للحوادث المميتة والأحداث المؤسفة التي صدرت في فترة سابقة من جهاز الهيئة هذا الجهاز الذي يفترض أن يكون رافدا للأمن الأخلاقي في مجتمعنا يلحظ أن هناك تجاوزات إنسانية مخيفة تتعدى حدود صلاحياتها في تصرفات الكثير من أعضاء الهيئة الميدانيين، تحت مظلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! فمن المطاردات الشوارعية القاتلة دون مسوغ قانوني، إلى اقتحام المنازل دون إذن مسبق، إلى التعدي على الشخص المصاحب لزوجته أو لأمه بداعي الشبهة وسوء الظن، إلى قصص أخرى تروى في المجالس الخاصة لم تظهر للصحافة لأنها أشبه بالمسلسلات المكسيكية أوأفلام الخيال العلمي! كل هذه الوقائع المفجعة تبرر بعدة مبررات فتارة بالإنكار وتارة بشماعة الأخطاء الفردية والبشرية التي قد تحصل من أي إنسان غير معصوم، وأخرى بالصمت وإغلاق الجوالات أمام الصحافة والرأي العام! فهل رجال (الحسبة) خارج دائرة ( الحساب)؟! حتى وإن حوكموا أو عرضوا على القضاء.. هي تساؤلات مشروعة ومشاهدات مرصودة، لا يكفي أن تخدر بتصريح متحدث رسمي، أو بوعود لم تتحقق إلى الآن.. ويكفي!