معالي وزير الإعلام عبدالعزيز خوجة شخصية اجتماعية متواصلة مع محيطها بشكل لافت من خلال نوافذ إعلامية واجتماعية متعددة. ولعل معالي وزير الإعلام يتقبل مني هذه الملاحظة بصدر رحب، فيما يتعلق ببرامج التوعية غير المباشرة، والتي يمكن أن تساهم في تقليص ظاهرة الغلو والتطرف التي وللأسف لا تزال موجودة وبشكل لا يمكن الاستمرار في تجاهله! لاسيما في ضوء الحديث عن الإنجازات المتكررة التي تقوم بها وزارة الداخلية من خلال نشرها لقوائم لا تزال كبيرة جدا. أربع قنوات فضائية تتبع لوزارة الإعلام السعودية ولا يوجد برنامج واحد مخصص لمناقشة قضايا الغلو والتطرف بصورة احترافية. ولعل معالي الوزير اطلع على الدراسة التي أعدها مركز (أسبار) بعنوان المواجهة بين الإعلام العربي والإرهاب، حيث يمكن أن ترسم ملامح برنامج من هذا القبيل حيث جاء فيها: 1- التركيز على الحدث أكثر من التركيز على الظاهرة. يعطي الإعلام العربي اهتماما للعمليات الإرهابية أكثر من الاهتمام الذي يعطيه للإرهاب كظاهرة لها أسبابها وعواملها. 2- هيمنة الطابع الإخباري على التغطية الإعلامية العربية للعمليات الإرهابية، وتقديم تغطية متعجلة وسريعة، وربما أحيانا سطحية، تهتم أساسا بتقديم جواب عن سؤال: ماذا حدث؟ 3- تغيب في الغالب التغطية الإعلامية ذات الطابع التفسيري والتحليلي، كما تغيب التغطية ذات الطابع الاستقصائي، الأمر الذي يؤدي إلى بقاء المعالجة الإعلامية على سطح الحدث والظاهرة. 4- تتوارى في الغالب معالجة جذور الظاهرة الإرهابية وأسبابها العميقة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وهذا ما يجعل الظاهرة تبدو وكأنها مجردة ومطلقة، وتقع خارج حدود الزمان والمكان والمجتمع، وهذا ما يضعف قدرة التغطية على الإقناع، لأنه يفقدها طابعها الملموس. 5- لا تنطلق التغطية الإعلامية العربية للظاهرة الإرهابية وللعمليات الإرهابية من الاستراتيجية الإعلامية للإرهابيين، وبالتالي تتعثر خطوات هذه التغطية في مواجهة إعلام الإرهابيين. 6- لا يتوفر لدى الكثير من وسائل الإعلام العربية كادر إعلامي مؤهل ومختص، قادر على تقديم معالجة إعلامية مناسبة لهذه الظاهرة المعقدة والمتشابكة والمتعددة الأبعاد. 7- تتميز التغطية التي يقدمها الإعلام العربي للظاهرة الإرهابية بعدم الانتظام وعدم الاستمرارية، ولذلك تأتي هذه التغطية متقطعة، تزداد كثافة أثناء العمليات والمناسبات والمؤتمرات، ثم تضعف وتتوارى، وربما تختفي نهائيا وهذا ما يؤثر سلبيا في قوة تأثيرها. 8- تقع هذه التغطية في أحيان كثيرة في فخي التهوين أو التهويل بالظاهرة الإرهابية. وهذا ما يؤثر سلبيا على مصداقية هذه التغطية وعلى مقدرتها على الوصول والتأثير. وأضيف لها عدم رصد أي ميزانية لمثل هذه البرامج، بينما يتم رصد مئات الألوف لبرامج ليست ذات بعد استراتيجي وديني وأمني، فهل يمكن أن نسمع قريبا برنامجا متخصصا ودائما بعيدا عن تغطية الحدث وكأنه حادثة عابرة وليس مرضا سرطانيا يهدد الجميع.