يقول الخبر «تلقى الشاب صفعة من والده أمام زملائه داخل الفصل الدراسي، إبان زيارة الأب للمدرسة كي يطلع على مستوى ابنه الدراسي، وفور خروج الأب من الفصل غادر الطالب المدرسة واتجه إلى منزله ليحضر رشاشا، ويفتح النار على مبنى المدرسة من الخارج». حالة احتقان أنتجت 29 طلقة نارية، وتهشيم 8 سيارات واضطراب أكثر من 300 طالب ومعلم في مركز الفيض التابع لمحافظة ظهران الجنوب، والسؤال هنا: من الملام؟. دعونا نفكر قليلا، ماذا لو أصابت طلقة أحد العابرين أو واحدا من أصدقاء الشاب في مدرسته أو معلما قاده القدر إلى فناء المدرسة الخارجي؟، هي حالة إجرام لم يفلح معها «الضبط الاجتماعي» ولا أنظمة الردع، واحتقان أبوي كانت نتيجته ضرب الابن ب «مخمس» أمام الجميع، فكان شعور الانتقام الوحيد ورد الكرامة المستلبة هو «الرشاش» حتى يتأكد الجمع «إني رجال». هناك مساحة فارغة بين جيلين، جيل «خذوه لحم وارموه عظم» وجيل «البلاك بيري والإنترنت»، ولم تعد تجدي نفعا إسقاطات الجيل القديم وممارساته في غياب لغة الحوار والفهم لمتطلبات الجيل الحالي، وإلا ألم يكن الأب قادرا على استخدام يده وعصاه في منزله بدلا من ضرب «حبة القلب» أمام الملأ بدعوى «أنا أربيك»، وهل أصبح الضرب هو الحل الوحيد لتربية أبناء هذا الجيل المتخمين بإفرازات الإعلام وأشكال الكبت والإحباط في المحيط العام؟. هي أزمة فهم، عبر عنها د. مصطفى حجازي في دراسته «الشباب الخليجي والمستقبل» التي خلص فيها إلى «أن هناك أسرا خليجية لم تزل متشددة في تزمتها، بما لا يتيح أية مشاركة في مرجعية القرار من حيث اختيار التخصص والمهنة، وتزويج الأبناء بناء على رغبات الأهل... إنها أسر تدار بالنظام البطركي الأبوي المتسلط، وتعتبر الانفتاح على الحوار والمناقشة بدعة وخروجا عن الأصول». كثير من الأوساط العائلية تبني تعاملاتها وفقا للجواب والموقف الواحد الصحيح، وكل ما عداه خطأ أو تمرد، مما يؤسس حالة «التصلب الذهني» ويقود أبناء هذا الجيل إلى العوالم الافتراضية وقضاء الساعات الطوال مع رفاق دون لون أو طعم أو رائحة على «الماسنجر والسكايب والفيس بوك والنت لوق...»، وبمجرد الحديث معهم تكون نبرة المرارة والضيق وإحساس المنع من التعبير والاستسلام للواقع هي المسيطرة على شخصياتهم... كبت يترى كبتا، ثم تأتي المحفزات لحالة الإحباط بالضرب العلني وسلب إنسانية الفرد، فنشاهد ردة الفعل وسلوك العنف، كفعل الابن على جدار مدرسته ليس «شخبطة» بالقلم وإنما ضرب بالرصاص!.