كل عام وأنتم بخير, وأعاد الله علينا وعليكم الأعياد بصحة وسلامة وعافية, وأسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم ومن المضحين أضحيتهم ومن الصائمين صيامهم, مرت علينا أيام من أيام الله المباركة والتي هي أفضل أيام السنة اجتمعت فيها الكثير من الشعائر الربانية من حج وصيام وأضحية وصلاة وإنفاق, أيام ذُرفت فيها الدموع خوفا ورجاء وحبا لله, وهفت فيها النفوس لباريها ولهجت الألسن بالذكر والدعاء, راجيةً العفو والغفران من الكريم المنان, وهي أيام أعياد وفرحة وسرور وتوسعة على الأهل والأولاد. إلا إن ما كدر هذا الصفو وهذه الأوقات بفضلها وسرورها هو ما حصل في جدة من تداعيات ما من الله به من مطر على هذه المدينة حيث غرقت بيوت وأغلقت شوارع وتهدمت منشآت ومرافق, وتعطلت الحركة ونتج عن ذلك وفيات بالعشرات واحتجازات لبعض الأسر في بيوتهم وخسائر فادحة, ولاشك أن ذلك جراء ضعف البنية التحتية للتصريف وللطرقات وللمرافق وغياب خطة طوارئ ناجعة لمعالجة مثل هذه الأوضاع. وقد بادر خادم الحرمين الشريفين بإصدار أمره التاريخي بتشكيل لجنة ذات مستوى رفيع وبصلاحيات واسعة للتحقيق مع كل من ترى أن له صلة بالموضوع كائنا من كان وأن تقوم بتقصي الحقائق في أسباب الفاجعة, وقد يكون من المناسب أن تُبادر هذه اللجنة بوضع خطة لعملها مشتملة على تحديد المراحل الزمنية وأن تُعلن عن هذه الخطة في وسائل الإعلام ليتم العمل بشفافية ووضوح تشابه ما ورد من شفافية في خطاب خادم الحرمين الشريفين. الحديث عن تحديد المسؤوليات في رأيي، ليس شأن كل أحد , بل هو شأن اللجنة المشار إليها بعد تحقيقات عاجلة تنتهي بتوصيات واضحة ومركزة, لكن من حق أي واحد أن يرصد الوضع وأن يتذمر من الواقع ويتشكى من ضعف الخدمات والتي أدت إلى مثل هذه الأوضاع السيئة وعلى كل حال، نسأل الله للمتوفين الرحمة والمغفرة, وأن يُلهم أهليهم الصبر والسلوان, وأن يُعين أهل جدة على تحمل ما حل بهم وأن يُعجل بتحسن أوضاعهم إلى حال أفضل - بإذن الله.