فازت الجزائر والحمد لله وإلا لتحولت الخرطوم إلى ساحة للاقتتال. فازت الجزائر لأنها جاءت للانتحار بكل ما تعنيه الكلمة من قيم سلبية. ولأنها فازت فلتتوقف الحرب وليراجع كل طرف نفسه، ليس من جهة الأخطاء الكروية التي حدثت خلال اللقاء، وإنما من جهة الأخطاء الكروية التي حدثت خلال اللقاء، وإنما من جهة الأخطاء التي سبقته والتي وصلت لحد التجريح والاتهام بالخيانة والعمالة وغيرها من التهم. من رحمة الله أن الشقيق الأصغر للشقيق الأكبر هو الذي فاز وإلا لبكت الأم حتى وإن كان بكاؤها اصطناعياً ومن وراء قلبها. ولأنها مباراة كرة وانتهت، ولأن مصر تظل هي الأكبر بحكم التاريخ والواقع والمستقبل فلتعالج ما حدث وما قد يحدث بهدوء وروية افتقدتهما الساحة قبيل وخلال الحرب – عفواً المباراة! لقد كان القدر أرحم بالجزائر العاصمة وبقية المدن أكثر منه رحمة بالقاهرة الكبرى والمحافظات.. ولأن مصر تستطيع أن تتحمل مثلما تحملت الكثير والكثير، فلتهدأ النفوس وليفكر كل طرف في شأنه الداخلي بعيداً عن تلك الملهاة التي شغلت النساء قبل الرجال والصغار قبل الكبار. لقد جرف مستنقع الفتنة الكروية الكبرى شخصياً بارزة في مجالات السياسة والثقافة والفن، وإذا صدقت الروايات عن رغبة الشيخ علي بلحاج الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ بالذهاب وراء المنتخب الجزائري إلى الخرطوم فإن المستنقع ذاته يكون قد جرف شخصيات دينية بارزة. لقد وصل الأمر لحد تدخل العلامة الشيخ يوسف القرضاوي ومناشدة الأمتين المصرية والجزائرية بالاهتمام بقضاياهم ومشاكلهم الأهم وليس بمعركة المنتخبين. كما خرج الشيخ عباسي مدني مؤسس وزعيم جبهة الإنقاذ عن صمته مناشداً الشعبين بالهدوء. ومن حسن الحظ أن الشيخين قد اتفقا هذه المرة ولم يختلفا أو يمثلا انشقاقاً دينيا مثل ذلك الذي حدثت في فتنة الغزو العراقي للكويت ومجيء قوات التحالف للمنطقة. مبروك لمنتخب الجزائر ينبغي أن يقولها كل مصري لشقيقه الجزائري من هؤلاء الذين ساءهم وصول العلاقات بين الجمهورين ولا أقول الشعبين لهذا المستوى.. حجارة وسكاكين وجسر جوي.. والأفظع من ذلك أقلام تحولت لأعواد ثقاب تشعل النار في كل اتجاه، تنسف التاريخ المشترك وتشوه الكفاح المشترك وتستبدله بالحديث السخيف عن معركة الثأر والعزة والكرامة.. وكل معركة عربية وإسرائيل بألف خير