داوود الشريان - * الحياة اللندنية تبنت قناة «المجد» الإسلامية حملة ضد «جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية» التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الأربعاء الماضي في حضور عدد كبير من الزعماء والعلماء من مختلف دول العالم، وغيّبت القناة كل ميزات الجامعة ودورها المتوقع في إحداث تغيير في مسار التعليم العالي في السعودية والعالم، وتوقفت عند قضية ما يسمى ب «الاختلاط»، وقامت بتضخيمها. واستضافت، قبل يومين، عضو هيئة كبار العلماء الشيخ سعد الشثري، الذي طالب بفصل الجنسين في كل مرافق الجامعة، واعتبر عدم الفصل «مدعاة لمساوئ متعددة، ويجر إلى السفور والذنوب ولا بد من أن تتبعه مصاحبة من الجنسين لغرض المصلحة الدراسية وحاجة كل منهما الى الآخر، وسوف ينتج من هذا الاختلاط ابتزاز وتصوير ومنكرات نحن ومجتمعنا في غنى عنها». حملة «المجد» على الجامعة سابقة في تاريخ الإعلام السعودي، فللمرة الأولى تتبنى وسيلة إعلامية سعودية خطاً سياسياً وفكرياً يصادم توجهات الدولة، ويحرّض عليه على هذا النحو من الجسارة والجرأة. فالقناة استخدمت شخصية رسمية لمواجهة سياسة رسمية، فضلاً عن ان قناة «المجد» الإسلامية تحظى بدعم شبه رسمي، وتجد تزكية متواصلة من جميع علماء الدين والدعاة. والسؤال: ما هو موقف هؤلاء الداعمين لها والمؤيدين لخطها، هل هم مع حملتها ضد الجامعة الجديدة؟ وإذا كان الجواب العكس، هل سيقاطعون القناة، أم سيستمرون في التعامل معها؟ لا شك في أن ما قامت به «المجد» نهاية طبيعية للخط المهني الذي تتبعه، فقناة «المجد»، وغيرها من القنوات الإسلامية، وسائل للمرابحة والتكسب من خلال إذكاء التطرف والانغلاق، والبحث عن عالم منغلق ومتخيل. لذلك فإن استمرارها والسعي الى دعمها وزيادة عددها، يؤكدان أننا نعيش حالاً مخيفة من التناقض. وحملة القناة على الجامعة العظيمة مؤشر بسيط الى ما يمكن أن تحدثه هذه القنوات من إرباك في المستقبل. الأكيد أن حصر الدين في وسائل إعلامية فكرة آتية من المجتمعات العلمانية التي لم يعد للدين فيها دور في الحياة العامة. ونحن نعيش في مجتمعات متدينة، ووجود هذا النوع من القنوات سيفضي الى عزل الدين عن الإعلام العام وخلق طبقة تجعل من الدين صناعة تخصها وحدها، فضلاً عن أن هذه القنوات كي تستمر، تسعى الى محاربة حركة المجتمع والتشكيك فيها. ولكن ربّ ضارة نافعة، فمن يعلق الجرس؟