عبد الله ناصر الفوزان * نقلا عن "الوطن" السعودية لو كنت مسؤولاً أجنبياً أو عربياً وقرأت تصريح محافظ مؤسسة النقد لدينا في المؤتمر الصحفي الذي أجاب فيه عن سؤال عن سبب عدم إعلان البنوك في المملكة عن مدى انكشافها على مجموعتي القصيبي والصانع كما فعلت البنوك الأجنبية والذي قال فيه "إن هناك سرية مصرفية متعارفاً عليها عالمياً، ونعمل بها في السعودية منذ زمن، بل إنها من ملامح القطاع المصرفي السعودي، وإعلان البعض عن ذلك في دول أخرى (بقصد إعلان البنوك الأجنبية عن الانكشاف)، هو فقط محاولة من قبلهم لتشويه "الاقتصاد السعودي". أقول لو كنت مسؤولاً أجنبياً أو عربياً وقرأت تصريح محافظ مؤسسة النقد لدينا لاندهشت، ثم ابتسمت وتعجبت مما قال، وسيكون رد فعلي حينئذ إما تجاهل التصريح على اعتبار أنه لن يقنع أحداً، أو انتقاد المملكة أو المحافظ شخصياً على اعتبار أنه يتحمل وحده وزر تصريحه ولا تتحمله بلاده. بصراحة، ما قاله المحافظ، أمر لافت للنظر... فلماذا يا دكتور محمد تسعى الدول الأجنبية أو على الأصح لماذا يسعى المسؤولون في بنوك تلك الدول إلى تشويه الاقتصاد السعودي...؟! وهل يعقل عندما يفصح المسؤولون في البنك العربي الأردني عن حجم انكشاف البنك على مجموعة القصيبي كما حصل فعلاً، أن نقول إن غرضهم محاولة تشويه الاقتصاد السعودي...؟ وهل يجوز أن نتهم بذلك أيضاً الإخوة في البنوك العمانية الذين أعلنوا عن حجم الانكشاف، والإخوة في بنوك الإمارات، والإخوة في البحرين، وفي الكويت... هل من اللائق أن نتهم الإخوة في تلك الدول الخليجية الشقيقة بمحاولة تشويه الاقتصاد السعودي...؟؟ ثم يا عزيزي المحافظ عندما يقوم رجل أعمال سعودي بالاقتراض من بنك في جزر (الواق الواق) ولا يأخذ المسؤولون في البنك منه الضمانات الكافية، فما ذنب الاقتصاد السعودي، وهل ذلك يسيء (تحت أي شكل) إلى ذلك الاقتصاد...؟ أم إن هذا يدل على العكس ويعطي الانطباع أن البنوك السعودية لم تعط رجل الأعمال السعودي القرض الذي يريد لتحفظها على ضماناته أو لأي سبب آخر في فاضطر للبحث عن غيرها...؟ لو أن إعلان البنوك غير السعودية، عن مدى انكشافها على المجموعتين قد تم في بلد واحد أو اثنين أو عدة دول لربما قلنا إن ما قلته قابل للتأمل، ولكن الكثير من البنوك فعلت ذلك في الدول الخليجية والعربية والأجنبية، فهل كل هذه البنوك في كل تلك الدول تحاول تشويه الاقتصاد السعودي..؟؟ لماذا يا عزيزي المحافظ...؟؟ أعتقد أن ما فعلته تلك البنوك هو ما ينبغي عليها فعله، والمسؤولون فيها بما فعلوا يؤدون واجباتهم تجاه ملاك بنوكهم وتجاه المتداولين في أسواقهم المالية ويتصرفون وفق معايير الإفصاح الدولية ووفق الأصول السليمة التي ينبغي اتباعها فيما يتعلق بمستوى الشفافية والوضوح، بعكس ما حصل في البنوك السعودية التي – بحجة السرية التي نوهت بها – أبقت المعلومة البالغة الخطورة حكراً على المسؤولين فيها وفي مؤسسة النقد وهذا في رأيي خطأ فادح، فمن حق المساهمين في البنوك معرفة الصورة على حقيقتها، ومن حق المتداولين في السوق المالية ذلك أيضاً، وليس من حق المسؤولين في البنوك وفي مؤسسة النقد الانفراد بمعرفة تلك المعلومة البالغة الخطورة والتي يمكن بموقفها الاستفادة على حساب الآخرين، وأنا هنا لا أتهم أحداً، ولكني أشير إلى الاحتمالات وخطورتها سواء حصلت أو لم تحصل لأوضح الخطأ والصواب. ثم يا معالي المحافظ هذه السرية التي قلت إن البنوك السعودية اعتمدتها واعتبرتها أنت من الفضائل ونسبتها إلى العرف وليس إلى معايير الإفصاح العالمية... هذه السرية... سرية على ماذا..؟ هل على مساهمي البنوك...؟ طبعاً لا.. لا يمكن أن يكون هذا قصدك... إذاً هل هي سرية لحماية المجموعتين.. أي محاولة لعدم إفشاء أرقام تتعلق بقروضهما حفاظاً على سمعتهما...؟ يا سيدي المحافظ لقد تم تجميد الأرصدة في البنوك بما في ذلك الأسهم، أي إن هناك فضيحة (بجلاجل) فما يضير (سلخ الشاة بعد ذبحها)...؟؟ اسمح لي يا عزيزي المحافظ أن أخالفك الرأي، فإعلان البنوك الخليجية والعربية والأجنبية عن مدى انكشافها على مجموعتي الصانع والقصيبي يستبعد أن يكون محاولة من مسؤولي تلك البنوك لتشويه الاقتصاد السعودي، بل هو إجراء طبيعي مطلوب، وإذا كان يمكن أن يشوه هذا الإجراء سمعة أحد، فإنه سيشوه بالدرجة الأولى سمعة مسؤولي تلك البنوك الذين فرطوا في أموال مودعي ومساهمي بنوكهم بإقراضها دون ضمانات كافية، وكون المقترض سعودي الجنسية فهذا لا يسيء إلى الاقتصاد السعودي. بصراحة لقد أحرجت يا أخي معالي المحافظ بحديثك عن تشويه الاقتصاد السعودي نفسك وبلدك، إلا إذا كان هناك ما لا نعلمه ولم تفصح عنه، أما قولك إن المملكة تعتمد الاقتصاد الحر، فهو كلام لا يتفق أبداً مع حديثك عن السرية التي جعلتها من فضائل البنوك السعودية، فالحرية الاقتصادية وأغلال السرية لا يجتمعان.