كشف مصرفيون سعوديون، عن احتمالية وجود مفاوضات سرية تجري حالياً بين البنوك السعودية ومجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي وإخوانه المتعثرتين ، وتتمحور حول أسباب التعثر وجدولة ديون المجموعتين ومعرفة ما إذا كانت هذه الديون ستصبح ديونا معدومة أو يمكن تحصيلها لصالح البنوك المحلية. ورجحّ هؤلاء، أن تكون المفاوضات السرية وراء عدم إفصاح البنوك السعودية حول مدى علاقتها بهذه بالشركات السعودية المتعثرة التي تبلغ ديونها حوالي 6 مليارات دولار أميركي. وكانت شركة رسملة قد شددتّ أمس في تقرير حصلت "الرياض" على نسخة منه ، على أن عدم الإفصاح من قبل البنوك السعودية حول مدى علاقتها بالشركات السعودية المتعثرة يبقى مثار قلق، مؤكدةً أن بيئة الاقتصاد الكلي السعودي المتينة تدعم التوجه الدفاعي الذي تتخذه العديد من الأسهم السعودية نسبة إلى أقرانها في دول الخليج، وخاصة في الكويت والإمارات. وقال الخبير المصرفي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش :" من المتعارف عليه وفي مثل هذه الظروف تقوم البنوك بالتفاوض مع المجموعات أو الشركات التي تواجه تعثرا في مسعى لإعادة التفاوض بشأن ديونها، والتوصل إلى حلول نهائية للقروض والديون الممنوحة، متوقعاً أن تكون البنوك السعودية بدأت بالفعل في هذه المفاوضات مع مجموعتي سعد والقصيبي لجدولة ديون المجموعتين ومعرفة ما إذا كانت هذه الديون ستصبح ديونا معدومة أو يمكن تحصيلها ". ولم يستبعد الدكتور أبو داهش الذي كان يتحدث هاتفياً مع "الرياض" ، أن تكون هذه المفاوضات وراء عدم إعلان مؤسسة النقد العربي السعودي أو البنوك السعودية عن إجمالي قيمة ديونها للمجموعتين ، مطالباً بضرورة أن تسارع البنوك إلى إعلان درجة الانكشاف والتعرض لهاتين المجموعتين ". واعتبر الدكتور أبو داهش أن تأثير الشائعات والضبابية التي تدور حالياً في الأوساط الاقتصادية والمصرفية سيكون أكبر من تأثير الإعلان عن وضع مخصصات لمثل هذه الشركات المتعثرة ، لافتاً إلى أن تأخير الإعلان عن هذه المخصصات أو تأجيلها إلى نهاية العام قد يتزامن مع تعثر أسماء أخرى لم يعلن عنها حتى الآن وبالتالي زيادة التأثيرات السلبية على البنوك والمستثمرين ". ودعا مصرفي آخر إلى ضرورة إفصاح البنوك السعودية حول مدى علاقتها بالشركات السعودية المتعثرة ودرجة تأثرها والإعلان عن حجم هذه القروض ووسائل الحل لها ، مشيراً إلى أن غياب الشفافية في هذه القضية ترك المجال واسعاً للشائعات التي ستؤثر سلباً على المستثمرين خاصة في سوق المال السعودي ". وفي السابع والعشرين من شهر يونيو الماضي، تسربت أنباء عن أن شركة ديليوت العالمية التي عينتها مجموعة «أحمد حمد القصيبي وإخوانه» السعودية في وقت سابق مستشاراً للتفاوض مع الدائنين ، قدمت عرضاً أظهر حجم القروض التي تم منحها ل«المؤسسة المصرفية» خلال العامين 2007 و2008، والتي بلغ مجموعها 34.8 مليار دولار، موزعة بواقع 10.4 مليار دولار لبنوك سعودية بنسبة 29.9% من حجم المديونية الإجمالية، و14 مليار دولار لبنوك خليجية أخرى وبنسبة 40.2%، و10.4 مليار دولار بنسبة 29.9 % لبنوك أجنبية. واجتمعت المجموعة أخيراً في البحرين مع ممثلي 110 بنوك دائنة بهدف طمأنتهم إلى متانة موقفها المالي، وطلب منحها مهلة (فترة سماح) لإعادة ترتيب أوضاعها، وقد نتج عن الاجتماع تشكيل لجنة مؤلفة من 6 بنوك دائنة مقسمة بالتساوي بين البنوك الخليجية والعربية والأجنبية، وبواقع اثنين لكل منها، وذلك بهدف التفاوض مع المجموعة نيابة عن الدائنين. ودعت اللجنة السداسية، «مجموعة القصيبي» إلى التقدم بمقترحات وتصورات حول كيفية تسوية المديونية، على أن تتم مناقشتها لاحقاً. في المقابل، قال تقرير لشركة رسملة وزع أمس وحصلت "الرياض" على نسخة منه، ان المخاوف لا تزال تساور المستثمرين في الامارات بشأن علاقة البنوك الإماراتية بالشركات السعودية المتعثرة بعد تصريح محافظ البنك المركزي الإماراتي بأن لبعض البنوك الإماراتية تعاملات كبيرة مع هاتين الشركتين. ويقدر إجمالي قيمة ديون البنوك الإماراتية للشركتين بحوالي 3 مليارات دولار أميركي، ويعتبر بنك أبوظبي التجاري وبنك المشرق الأكثر انكشافا حيث تبلغ قيمة تعاملاتهما معهما 400 مليون و 200 مليون دولار أميركي على التوالي. وأعربت رسملة عن اعتقادها بأن مخاوف المستثمرين هذه ستستمر في التأثير سلبا على معنوياتهم خلال الشهر المقبل، مكتفيةّ بالقول :" لهذا نبقى متشككين حيال السوق الإماراتية على المدى القصير". ولا تزال بنوك خليجية تبدي قلقها إزاء المخاطر المحتملة جراء تعثر مجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي وإخوانه السعوديتين، لكنّ هذه البنوك لم تكشف حجم الخسائر المحتملة من التعاملات مع الشركتين اللتين تعيدان هيكلة ديونهما في الوقت الراهن. ويتوقع محللون أن يعلن عدد كبير من المصارف الخليجية في النهاية عن عمليات تعرض قد تدفعها إلى تجنيب مخصصات بسبب إقراض المجموعتين العائلتين الكبيرتين اللتين تجريان عمليات إعادة هيكلة لديونهما. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أكد ل"الرياض" الدكتور رجا المرزوقي أستاذ الاقتصاد في معهد الدراسات الدبلوماسية، أن الأزمة التي تعصف بمجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي وإخوانه السعوديتين، ستخلق نوعاً من الهلع والخوف لدى المصارف الخليجية والمستثمرين أيضاً، مشيراً إلى أن الوسط الاقتصادي يشهد حالة من الترقب حول ما إذا كان تعثر المجموعتين هو بداية لتعثر أسماء أخرى. وأضاف في حينه :" بعض البنوك الخليجية تتحدث حالياً عن تجنيبها مخصصات بسبب إقراض المجموعتين، لكن تقدير حجم الآثار السلبية مشروط بمعرفة حجم القروض التي منحتها البنوك الخليجية وحجم أصول المجموعتين ".