طبيعة النفس البشرية ميالة للمديح وحب الثناء لكن كثرة المدح صفة غير جيدة.. حتى وإن كنت صادقا في مشاعرك إلا أن المبالغة في وصفها قد يصورها مشاعر زائفة.. فضلاً عن أن ذلك يشغل الممدوح عن البحث عن أخطائه وسلبياته ولا يمكنه من تطوير أدواته.. طالعت خلال الأيام الماضية صورة تتناقلها بعض الصحف تكشف عشرات السيارات تصطف في طوابير متتالية توحي وكأنك في أحد معارض السيارات المستعملة! والتعليق تحت الصورة يكشف أنها: مدينة التمور في بريدة. المشكلة كانت المبالغة في التغطيات الصحفية.. والمشكلة الأكبر أن بعض الصحف أتاحت لبعض المحررين المتحمسين كتابة ما يشاؤون في تغطياتهم.. على وزن "الحدث العالمي الذي تعيشه بريدة جعلها مقصدا للصحف العالمية والأمريكية"? وعندما أشرت أول من أمس إلى عنوان يقول: (مدينة التمور الجديدة كرست صدارة بريدة وتفردها العالمي في إنتاج وتسويق التمور).. وأردفت بالإشارة إلى تقرير عرضته قناة "الجزيرة" يقول إن ملايين المسلمين في شهر رمضان في الهند يقبلون على شراء التمور التي تستورد من بعض الدول ولم يرد بينها اسم المملكة? كنت أود التنبيه على أهمية التسويق كعلم قائم وفن له أصوله، فنحن لا نريد من يسوق التمر علينا.. نحن نعرف قيمة التمر وأنواعه ونعرف كيف ومتى نشتريه.. لكن هذا الكلام لم يعجب أحد الزملاء التربويين الذي يسبق اسمه حرف (د) حيث كتب لي غاضباً: "إن ما سطرته هذا اليوم عن بريدة أبكاني، لكن بريدة ليست بحاجة لك لتوصلها للعالمية"? للزميل العزيز وللأحبة القائمين على مدينة التمور في بريدة أقول: لا شك إطلاقا أن مدينة التمور إنجاز مهم وغير مسبوق يضاف للإنجازات المختلفة في القصيم ويستحق القائمون عليها الشكر لكننا لسنا بحاجة لمن يسوق التمور لدينا.. إن نجاح مدينة بريدة للتمور سيكون عبر بوابة التسويق العالمي.. نحن نريد أن يتم تسويق التمور في أنحاء العالم، ولا نريد أن تكون غاية طموحها هو بيع التمور على أهالي حائل والأحساء وعنيزة.