اطلعت على مقالة الزميلة مها فهد الحجيلان المعنونة "العنصرية ضد أهل القبائل" والتي تحدثت فيها عن العنصرية المعكوسة لكل من يحمل اسم قبيلته في بطاقته الشخصية وبحيث يصل الأمر أحياناً إلى محاولة عرقلة مصالحهم من خلال ممارسات عنصرية جعلت الكثير من الخريجين أو المتقدمين على وظائف ممن يحملون أسماء قبائل يميلون لعدم استخدام اسمهم الأخير والاكتفاء باسم الجد أو العائلة أو الفخذ كوسيلة لحماية الذات من شر من يحمل عنصرية ضد القبيلة. أشكر الزميلة الحجيلان على فتح هذا الملف وكان الله في عونها لأن من يتطرق لهذا الموضوع يتهم فوراً بالعنصرية, وأنه ما زال يحمل بذرة الجاهلية إلى آخر تلك التهم, فسبق أن اتهم الدكتور مرزوق بن تنباك بالعنصرية بسبب مطالبته بفرص وظيفية وحقوق متساوية لأبناء القبائل. ولنلاحظ هنا أن مطالبة الدكتور مرزوق بن تنباك ليست لأبناء قبيلته حرب، بل لكل أبناء البادية, ومثل هذا عندما يتهم الزميل الدكتور علي الموسى بأنه إقليمي مع أنه لا يمكن أن يوصف بالإقليمية من يطالب بخدمات وحقوق لأبناء منطقته ومن لا خير فيه لأهله الأقربين من باب أولى ألا يكون فيه خير لمن هم أبعد . تهمة "العنصرية" أصبحت سهماً في قوس، مستعد للانطلاق باتجاه أي إنسان يتحدث عن حقوق أبناء منطقته أو أبناء قبيلته، ولا أدري من سيتحدث عن معاناة قبيلة ما إذا لم يتحدث أبناؤها قبل غيرهم عن هذه المعاناة ! اتهام من يتطرق لهذه القضايا بالعنصرية أمر يجب ألا يلتفت له، فإشكالية العنصرية هي ظاهرة حقيقية وليست ممارسات شاذة وهذه الظاهرة لا بد أن تعرى وتناقش وتوضع دعاواها في ميزان المنطق الذي لن تصمد أمامه، ولا يمكن لشعب يسير على طريق التقدم والتحضر أن يقر الممارسات العنصرية والتي تتجاوز السباب وفاحش الكلام إلى الضرر الفعلي المتعلق بالحرمان من الوظيفة أو الدراسة. في تصوري أن هذه المشكلة تحتاج إلى قانون مكتوب واضح وصريح يدين ويعاقب من ثبت عليه التورط في ممارسة عنصرية تبدأ من السباب والكلام الفاحش إلى تعطيل المصالح وإلحاق الضرر بسبب العنصرية. ولعل تطبيق هذا القانون سيكون صعباً وإثبات الواقعة سيكون على قدر عال من الصعوبة, لكن وجود هذا القانون من شأنه أن يبني في الذاكرة الجمعية أن هذه الممارسات خارجة عن القانون وتعرض مرتكبها للعقوبة.