زاد في الآونة الأخيرة عدد الشركات التي تقوم بتأخير رواتب الموظفين عدة أشهر، والملاحظ أن كثيرا من هذه الشركات هي عبارة عن شركات متعاقدة مع بعض الجهات الحكومية لتقديم بعض الخدمات، وعلى الرغم من أن هذه الشركات يتم تسليمها مستحقاتها من قبل الجهات الحكومية في الوقت المحدد إلا أنها مع ذلك لا تلتزم بدفع رواتب منسوبيها وتعمل على تأخيرها ليس لشهر واحد فقط بل يصل الأمر أحياناً إلى أربعة أو خمسة أشهر. ولا يخرج هذا الموضوع عن أطراف ثلاثة وفي مقدمتها الشركة صاحبة التعهد، التي لا أعرف كيف يستطيع أن ينام صاحبها والموظفون لديه ينتظرون مستحقاتهم التي لم تسلم لهم منذ عدة أشهر، وكيف يهنأ له عيش وهو لم يعطيهم حقوقهم، خصوصاً أن بعضهم قد يكون صاحب أسرة وأطفال والتزامات مادية تعتمد بشكل رئيس على الراتب الشهري، على الرغم من وجود دعم من الدولة لمثل هذه الشركات من خلال صندوق المواد البشرية أو غيره من الجهات الداعمة للتوظيف، والطرف الثاني هو الجهة المتعاقدة مع هذه الشركة، إذ كيف تتوقع هذه الجهة أن يقدم موظفو الشركة خدمات مميزة وهم لم يتسلموا رواتبهم عدة أشهر، وكيف يرجى أن تنجز المهام من قبل موظفين يتسولون مستحقاتهم من أصحاب الشركة ولا حول ولا قوة لهم بل هم بذلك يعطون عذراً لهذا الموظف بأن يلجأ لطرق غير قانونية للحصول على مستحقاته إما من خلال الرشوة أو الغش أو الاحتيال والسبب أنهم وافقوا على أن يتعاقدوا مع مثل هذه الشركات. أما الطرف الثالث وهو الموظف، الذي يجب عليه قبل أن يبدأ العمل أن يتأكد من حصوله على عقد عمل يوجد فيه التزامات الشركة واضحة، إذ أن بعض هذه الشركات تقوم بتكليف الموظفين بالبدء في العمل ولا يقدمون لهم أي عقود حتى لا يكونوا موضع سؤال من قبل الجهات المعنية في حال قيام أحد الموظفين برفع شكوى ضدهم. وعلى الرغم من أن بعض هؤلاء الموظفين قد التحق بالعمل في مثل هذه الشركات لعدم وجود فرص عمل أخرى متوافرة إلا أن الشاب يجب عليه أن يحرص على السؤال عن الشركة قبل الالتحاق بها والتأكد من أن الوضع المالي للشركة قوي وقبل ذلك التأكد من سمعة الشركة وسمعة صاحبها وحرصه على الحفاظ على حقوق موظفيه، فهناك شركات لا تهتم إلا بمصلحتها ولا تحرص إلا على ربحيتها ولو كان ذلك على حساب موظفيها، فبعضهم يقبل أن يؤجل تسليم الرواتب في سبيل أن يتمتع هو برحلة عمل خارجية وبعضهم يعمد إلى تأجيل رواتب الموظفين الشهرية في سبيل سداد فواتير لجهات أخرى قد لا تكون بحاجة ماسة لهذا السداد، وبعضهم يحرص على شراء بعض الكماليات في سبيل تأجيل رواتب العاملين في منشأته، وآخرون يحرصون على الحفاظ على سمعتهم بالوفاء بالتزاماتهم الخارجية على حساب رواتب الشركة الداخلية وهناك الكثير والكثير من القصص في هذا الشأن، التي يجب على الشباب أن يحذروا منها وأن يسعوا إلى التعرف عليها. إن العلاقة بين الشاب والشركة التي يعمل فيها يجب أن تبنى على الوضوح والشفافية حتى لا يخدع أحد الطرفين الآخر فكما أن الشركة تقوم بالتأكد من جدية الشاب والتزامه فيجب على الشاب ألا يندفع ويفرح بالوظيفة ويلتحق بالعمل قبل أن يتأكد من جدية الشركة وسمعتها والتزامها ووفائها مع موظفيها، خصوصاً أولئك حديثي التخرج أو ذوي المؤهلات المحدودة، إذ إن هذا الأمر يوجد انطباعاً أن القطاع الخاص بأكمله هو على هذه الشاكلة وبالتالي فهم يسعون إلى التركيز على العمل في القطاع الحكومي لضمان الأمان الوظيفي فيه من ناحية وسداد مستحقاتهم الشهرية من ناحية أخرى. يجب على الجهات الرقابية أن يكون لها دور في هذا الجانب وأن تقف مع هؤلاء الشباب وتنتصر لهم وتدافع عن حقوقهم فمعظم الموظفين ينتظرون رواتبهم في نهاية كل شهر على أحر من الجمر رغبة في سداد الالتزامات التي عليهم فكيف بجهات تحرم موظفيها من مستحقاتهم عدة أشهر؟.