مئات المعلمين السعوديين والمعلمات السعوديات الذين واللاتي عبروا قطاع وزارة التربية والتعليم وأغلبهم على الأرجح اختطوا هذا الطريق اعتمادا على التخطيط الاعتيادي للأسر السعودية التي ترى أبناءها إما أطباء أو مهندسين أو معلمين وربما كان الأطباء والمهندسون أفضل حالا إذا تهيأ لهم العمل تحت مظلة مؤسسات وشركات خاصة تضمن لهم حقوقا خسرها المعلم لسنوات ومازال لسبب واحد وهو سياسة التخطيط المالي لحقوق المعلم. تلك الحقوق التي كانت لابد أن تشمل: التأمين الصحي ، سلم الترقية الوظيفي ، بدل السكن ، المساهمة في خلق الفرص التي تتيح لكلاهما تملك أرض أو منزل كما هو الحال في شركة أرامكو السعودية وغيرها. ولنبدأ بقصة التأمين الصحي الذي يفترض أن يكون هناك علاج مجاني لجميع المنتسبين لوزارة التربية والتعليم والذين يشكلون نسبة لا يستهان بها من مواطني الدولة . وربما اكتفت الوزارة بالخصم المقدم من المستشفيات بنسبة 20% ولم تقدم كجهة حكومية دعما خاصا لموظفيها . أما بدل السكن وكنت شخصيا أعتقد أن موظفي الدولة في قسم البنين يحصلون عليه بحكم ذكورية القوانين لدينا منذ زمن ،فوجئت بأنهم يعانون نفس القصور في هذا البدل. فكيف يمكن لوزارة تخصص لها أكبر ميزانية في الدولة أن يحرم منتسبوها من هذا الحق مما يضطر الكثير منهم للاقتراض من البنوك لتملك سكن مناسب. ولعل من المزايا التي حرم منها هذا الموظف رغم متاعبه وأعبائه نظام التملك الذي قامت به شركة كأرامكو وساهمت في حل هذه المشكلة بإعطاء الفرص لموظفيها لتملك سكن معفى من الفوائد الربحية المخيفة للبنوك التي تفوق قدرات الموظف العادي و تمتص بها البنوك راتبه على مدى سنوات التقسيط . فلماذا لا يحظى بها المعلمون والمعلمات في وزارة التربية والتعليم مع علمنا بكم الأموال المهدرة في الغث والسمين وعلى رأسها تلك المشروعات التربوية تحت مظلة التطوير التربوي والتي تنهض لتموت في مهدها بعد أن يتم توزيع تركتها على فلان المسئول وعلان المسئول الآخر بينما تظل الأيدي المطحونة بالعمل والإخلاص تنتظر بعضا من التقدير المادي والمعنوي المناسب ولا حياة لمن تنادي. ولن أذهب بعيدا عن بعض الشركات الخاصة التي تعطي الموظف فرصة للادخار الاستثماري حيث تقتطع من راتبه مبلغا يتم استثماره من خلال الشركة طوال سنوات الخدمة فيكسب به الموظف مستقبلا أكثر استقرارا، ومن هذا أيضا لا يوجد للمعلم نصيب حيث يقضي سنوات عمره يوزع راتبه بين احتياجاته وسكن لا يملكه وشكليات اجتماعية تنهي على ما تبقى من أمل له لينام قرير العين وفي محفظته البنكية شيء من الأمان لمستقبل أبنائه. ولأاعتقد أنه يخفى على الجميع أن نظام الترقية الذي لا تتمتع به وزارتنا الموقرة هو أحد أسباب فقدان أهم الكفاءات وهروبها أو استكانتها للبيروقراطية وموت طموحها .هذا النظام الذي لا يقدم للمعلم سوى راتب نهاية الشهر بينما تضيع فرص المخلصين والعاملين بإبداع وتميز لتتساوى نهاية الشهر بغيرهم من المعلمين الذين لا يحلمون بأكثر من لقمة عيش ونهار عادي. فكيف نطالب هؤلاء المتميزين بالانتماء ونحن لا نضع لهم حتى في سلم الترقيات أو النواحي المالية حوافز خاصة تظهر مدى تقدير الوزارة لإمكانياتهم وطاقاتهم!! وإن كانت مشاكل المعلم كثيرة وقد ذهب المسؤولون عن التخطيط لإيجاد الحلول للأمور التي لا تشكل الجزء الأهم في منظومة حقوقه ، فإن التأثير المباشر بات واضحا في مخرجات تعليمية امتصت الإرهاصات التي مورست على المعلم منذ سنوات حينما كان الأهم في نظر الوزارة التركيز على جمع المخالفات وفرض العقوبات والحسميات المالية . بينما نجد الفرق جليا في الشركات التي قدمت الكثير من المزايا التي ذكرناها في بداية المقال وكانت النتيجة هي شعور الموظف بالرضا حتى لو كان كم العمل الموكل إليه ثقيلا أو فوق طاقته ففي نهاية الشهر سيجد ما يعوضه ويرضي ابسط احتياجاته. ولأن البحث في هذه الأولويات الأساسية في حقوق المعلم قد آن أوانه مع تغير وزاري جديد فإننا نطمح وكلنا ثقة بأن كل من على قمة هذا الهرم الوزاري سيعلمون حاجات المعلم ويقدرون دوره الجوهري في تعليم أبناء الوطن، فيصبح من أبسط حقوقه أن يشعر بالرضا الوظيفي. وقد كنا عانينا طويلا من بطانة غير صالحة استنفذت حصة التعليم المالية في مشروعات فاشلة لم يتم التخطيط لها وانتهت بمصاريف طائلة لم توضع في مكانها أو تم توزيعها كتركة مريضة لمسئولين لا يستحقون حمل الأمانة التي كلفوا بها. وهنا باتت مسئولية وزارة التربية والتعليم غربلة الماضي ومحاولة إنصاف المعلم كأحد أهم موظفي الدولة وإعطائه الفرصة ليمارس أبسط حقوقه في تملك سكن او علاج مجاني أو سياسة ادخار تحفظ جهده طوال سنوات الخدمة. فلسنا أقل من شركات كثيرة وليست ميزانية الوزارة بتلك النحافة المالية فقد أتخمتها المخصصات المادية التي تقدمها الدولة بسخاء .المسألة فقط تحتاج لاجتماع بعض المخلصين أصحاب القرار على طاولة شفافة تقرأ حقوق المعلم لاعادة صياغة القوانين ومحاولة أنسنتها . بل ربما كنا في حاجة ماسة بعد تلك الخطوة لمحاسبة أولئك الذين ظلوا لسنوات لا يعرفون شيئا عن الضمير المهني ولم يكن لهم فائدة أكثر من مجرد أوزان زائدة على كاهل الوزارة . لؤلؤة: عندما تدرك ما تريد ...ستعرف بالضبط من أين عليك أن تبدأ [email protected]