ترصد مواقع التحليل الخاصة بتتبع محركات البحث العالمية اتجاهات (موضوعات) البحث بين مستخدمي الانترنت بحسب اللغة والدولة وأحياناً المدينة. ومن أميز هذه الخدمات ما تقدمه شركة "قوقل" للباحثين من إمكانات للوصول إلى معلومات إحصائية عن الكلمات والمصطلحات الأكثر تداولا من قبل مستخدمي محركها بمختلف لغات العالم بدءا من عام 2004. وتتجلى أهمية معلومات "قوقل" في أنها أول شركة تقدّم حزمة عريضة من الخدمات المجانية وأهمها تطبيقات البحث الالكتروني بمعظم اللغات الحية في عالم اليوم. ومع أن الشركة توفّر أكثر من 20 خدمة بحثية أخرى إلا أن المشتهر جماهيريا منها لا يتعدى ثلاث خدمات رئيسة هي: خدمة البحث في النصوص، والصور، وخدمات البحث عن المواقع الجغرافية من خلال الخرائط ونظام "قوقل ايرث" ما جعلها تهيمن بمحركها الأشهر على ما يزيد عن 70% من خدمات البحث على الشبكة العالمية. في الشأن السعودي تكشف سجلات "قوقل" (2004-2008) عن مستويات مثيرة من التغير والتحول في اتجاهات البحث والاهتمام من قبل مستخدمي الانترنت السعوديين ، وكأن الانترنت بذلك تعطي المؤشر الحيوي لاتجاهات ومستوى هموم واهتمامات الناس. ويتبين لنا من القراءة التحليلية في سجلات عام 2004 أن السعوديين حينها كانوا يبحثون من خلال "قوقل" عن العديد من الموضوعات التي لا ينتظمها رابط أو هم محدد ومن أبرزها طلبات الأغاني، ومواقع الدردشة، وأسماء بعض "الفضائح" التي ظهرت حينها وانتقلت من "البلوتوث" إلى الانترنت مع إشارات ضعيفة لموضوع الأسهم. أما اتجاهات السعوديين خلال العام الذي يليه (2005) فتبين أن موضوعات الشباب (الدردشة، الصور) كانت اقل من العام الذي سبق فيما بدت الأسهم والبنوك ابرز 10 موضوعات بين العشرين موضوعا الأكثر بحثا كما رصدتها سجلات "قوقل". و قد تواصل الاهتمام أيضا في عام 2006 بذات القضايا تقريبا إذ هيمنت الأسهم والبنوك على معظم عمليات البحث التي قام بها مستخدمو الانترنت السعوديين في تلك السنة. أما سجلات عام 2007 فتكشف كيف كان تأثير انهيار سوق الأسهم واضحا على اهتمامات السعوديين البحثية وصرفهم إلى شئون أخرى إذ لم تظهر موضوعات الأسهم ولا أسماء البنوك في قوائم الموضوعات الأبرز في سجلات "قوقل" ذلك العام، وعوضا عن ذلك ارتفعت نسبة مرات البحث عن مواقع وموضوعات الترفيه (أفلام، أغاني، ألعاب، الدردشة) بمعدلات كبيرة، ويكفي أن نعرف أن نسبة النمو في عدد مرات البحث عن موقع "يوتيوب" وحده قد ارتفعت في ذلك العام إلى 2300%. أما كشف حساب عام 2008 فلعل أوضح ما يميّزه هو ظهور الاهتمام الجماهيري بلعبة "ترافيان" و اسم مسلسل "سنوات الضياع" لتصبح بين أكثر كلمات البحث تكرارا بنسبة نمو كبيرة breakout كما وصفها تقرير "قوقل"، فيما واصل موقع "يوتيوب" النمو في عدد مرات البحث عنه في عام 2007 بنسبة 1000%. وبالنظر إلى الشهرين الأولين من عام 2009 نلاحظ عدم اختلاف موضوعات البحث كثيرا عن العام الذي سبقه إذا استثنينا تواصل النمو في نشاطات البحث عن الألعاب مثل "ترافيان" و "بلياردو"، مع وضوح تزايد نسبة تكرار البحث عن الموضوعات والمواقع الرياضية (70%). وهكذا يتبيّن لنا من خلال تحليل سجلات البحث في فهارس "قوقل" كيف تتغير اهتمامات الناس بحسب معطيات الواقع الذي يعيشونه والمؤثرات الإعلامية والسياسية والاقتصادية. ومما يطمئن قليلا تدني تكرار البحث عن "كلمات إباحية" شهيرة عند المستخدمين السعوديين قياسا بارتفاعها عند المستخدمين في كثير من البلدان العربية . مسارات قال لصاحبه ومضى: الطموح (للوصول) لا يعني تجاهل (الأصول).