ألقت المدام زينب أحمد حفني في قاعة نادي الخريجين بالبحرين السبت 14 فبراير 2009م محاضرة بعنوان (المرأة الحجازية ما بين الأمس واليوم)وهذه مناقشة لبعض الأفكار الواردة في المحاضرة يكتبها شخص عمر عائلته في الحجاز أكثر من ألف عام بعيداً عن محاضرتها المليئة بالعنصرية والتقسيم الاستعلائي للمجتمع الحجازي نفسه فضلاً عن غيره ، وبعد كل ما في المحاضرة من عصبية عنصرية عادت في أخره وسطحت عقل الحضور وقالت إنها لا تدعوا لتفكك أو عنصرية ، قد أتفهم اهتمامها بالتراث الحجازي ولكن أن تعرض هذا التراث في مقابل تنافسية وتحزب مناطقي وديني هذا ما لا يمكن فهمه أو قبوله. راهنت المدام زينب على المرأة الحجازية في التغيير لأنها نشئت في بيئة منفتحة على الشعوب والثقافات الإسلامية القادمة للحج و أنا لا أدري هل هذه الشعوب كانت تأتي نسائها إليه حاسرة عن شعر رأسها ، مختلطة بالرجال ، تقود السفن المتجهة لميناء جدة ، وتقود حنطور الحمالين ، تلقي الشعر والنثر في محاضر الرجال ، تعمل سكرتيره لدى تجار الحجاج ، تعمل دلالة في سوق السمك ، تشارك في سباق الهجن والخيول ، تعرض فنها التشكيلي وتصاميم الأزياء على المارة في شوارع جدة ، تزور الشريف في قصره وتحصل على صوره معه وتحثه على تنوير المرأة الحجازية و إفساح المجال أمامها ، هل كانت هذه هي صورة المرأة التي تأتي من بلاد المسلمين للحج ؟؟ ومن ثم تأثرت المرأة الحجازية بهم ؟؟ إلا إن كانت تقصد المدام الشعوب التي كانت تأتي للعمل في السفارات الأجنبية فهذا ممكن ولكن لم يكن المجتمع الحجازي منفتح عليها بل جاء في التاريخ أنه تم الاعتداء على بعض تلك الوفود من قبل سادات الحجاز .... كما في واقعة إحدى السفن التجارية بجدة التي رفضت رفع العلم العثماني ورفعت العلم البريطاني التي راح ضحيتها السفيران البريطاني والهولندي وزوجة الهولندي وقصفت جدة على إثرها أياماً من قبل البوارج البريطانية وبغض النظر عن شريعة هكذا عمل فإنه وقع من قبل شخصيات حجازية ومن الواضح أنها لم تكن منفتحة على نماذج غربية سعت في تغيير علم فكيف بنماذج حالية تضغط بقوة لتغيير ثقافة وهوية الحجاز هل يعقل أن يكون الحجازيين منفتحين على ذلك ؟؟. كثيراً ما تسدل المدام و غيرها من المدامات والآنسات الحجازيات على انفتاح الحجاز وتنوره بمدينتين حجازيتين فقط لا ثالثة لهما مدينتي جدة ومكة فلا تجد في خطابهم مثلاً حديثاً عن ينبع الميناء الأقدم من ميناء جدة أو حتى عن المدينة النبوية أخر محطة للحجاج وغالباً ما يكون مقامهم فيها طويلاً بمعنى أنها مكان تكون فيه الخلطة أكثر من غيره و لا يتحدثون عن رابغ أو أملج أو القنفذة وغيرها من المدن الساحلية أو الداخلية التي كانت تستقبل الحجاج أو يعبر ويقيم الحجاج فيها أثناء تنقلهم بين الحرمين ، فلعلهم يرون أن هذه المدن لا تنتمي جغرافيا للحجاز. وترى المدام أن الثقافة الوهابية هي أكبر تحدي يواجه المرأة الحجازية وفي الحقيقة المشكلة ليست مع التشريع الوهابي - على فرض وجود هذا الوهم الكبير – و إنما مشكلة المدامات و الآنسات مع الخطاب الإسلامي عموماً سواء كان قادم من نجد أو من لاس فيغاس فالفصل بين الجنسين وغطاء الوجه واليدين وغيرهما من الحقائق الشرعية التي ترفضها المدام ليست خاصة بالنجديين ففي قلب أمريكية القاهرة هناك منقبات وفي حمراء بيروت وحدائق تونس و مياميالإسكندرية كذلك بل في أوربا وأمريكا أيضا. عرضت على جدتي ذات70 عاما الناشئة في جدة صورة إحدى المثقفات الحجازيات وهي مدام كثيراً ما تفخر بأن حجابها التي ترتديه هو حجاب المرأة الجداوية في السابق سألت جدتي هل كنت تشاهدين نساء في جدة يرتدين هذا الزي ؟؟ أنكرت ذلك واستعاذت بالله ، الدكتور الفاضل سعود مختار الهاشمي ذكر في إحدى المناسبات أن والدته أخبرته أن المرأة الحجازية كانت ترتدي أكثر من غطاء على وجهها هذه الثقافة والهوية هي هوية المرأة الحجازية الحقيقية. إن الشخصيات التي تدَّعي أن ثقافة الانفتاح والتنوير التي تحملها هي ثقافة الحجاز هي تغالط نفسها فهي ليست إلا شخصيات ثرية استطاعت أن تنشئ علاقات تجارية أو سياسية خارج حدود الحجاز فتأثرت بتلك العلاقات تأثراً بالغاً انعكس على سلوكها وهويتها ثم جاء أبناؤها من بعدها وتجاوزوها في تلك العلاقات فنشئوا وتعلموا هناك حتى أصبحوا جزءاً من ثقافة خارجية لا تنتمي للحجاز ولا للعرب ولا للإسلام ، هذه الطبقة من النادر أن تجد من بينها أسرة لم تعرف الخارج ودخلها متوسط أو أسرة نشئت في أحد أحياء جدة ومكة الشعبية ، والكليات الأهلية بجدة مرتفعة الاشتراك والتي يلتحق بها أبناء هذه الطبقة الغنية هي سفير البلد في الخارج و المبتعثين الغربيين السياسيين و الأكاديميين كثيراً ما يزورونها ويأخذون فكرة عن المجتمع السعودي من خلالها ، وطلابها أمل المستقبل والحاضر لمشاريع التغريب التي تقوم في المملكة ، ثم هناك الطلاب المبتعثين إلى الخارج الذين قبل أن ينهوا دراستهم هناك أصبحوا يمطروا البلد عبر وسائل إعلامية سعودية بأفكار وقيم غربية لم يعرفها الحجاز لا بالأمس ولااليوم . وهناك مدامات وآنسات من نجد والجنوب والشمال لم يعرفن الانفتاح والاختلاط بالشعوب الذي تراه المدام سبباً للتغيير تجاوزن الحجازيات في ثقافة الاندماج والانفتاح والتغيير كل ذلك بسبب المال وبلاد بره. إن المرأة الحجازية تعيش أمام تحدي كبير يتجاوز مسألة تغييرها وحدها بل يسعى إلى أن يجعلها تقود التغيير في شتى مناطق المملكة لذا فالواجب عليها أكبر من غيرها فهي حقل التجربة لأولئك الأشخاص أيما مشروع نجح عليها مرر من خلالها إلى شتى مناطق المملكة و أيما مشروع فشل يتم ترحيله إلى زمن يعود فيه المبتعثين أو يتقبله أشخاص أخرين أكثر تأثراً بالمشروع الغربي. عجيب أمر مدامنا المثقفة حكايات وروايات النساء على الروشان والغناء باللهجة الحجازية والكتابة عن الآثار والشواهد وكشف الوجه هي قيم ثقافية حجازية لابد من حمايتها حتى يقدمها الحجازيين للعالم إنه اختزال فظيع و إهانة لمجتمع استطاع أن يحمل رسالة السماء إلى كل الدنيا ومات الأجداد ودفنوا خارج بلدانهم وضحوا بكل شيء من أجل نشر الوحيين الكتاب والسنة في الشام والعراق ومصر ثم نهمش دورهم هذا كله ، ونركض خلف بعض التفاهات التي لا ترقى حتى لمزاحمة الشعوب المجاورة فضلاً عن كل العالم إن الحجاز بحق بحاجة لحماية تراثه من العبث والتطاول عليه وتحريفه وخطفه باتجاه رؤى عاش الحجاز ونشء على رفضها ومحاربتها. تمنيت الحجاز أعيش فيه**** فأعطى الله قلبي ما تنمى سقى الله الحجاز وساكنيه**** وأمطر كل ساقية ومغنى أخي إن زرت بيت الله تبغي**** رضا أو تشتكي هما وحزنا ففي تلك الرحاب عظيم أنس**** لناء إن دعاه الشوق حنا بلادي كل أرض ضج فيها**** نداء الحق صداحا مغنى ودوى ثم بالسبع المثاني**** شباب كان للإسلام حصنا لطيبة يأرز الإيمان حبا**** ويشتاق لها القلب المعنى بلاد زانها رب البرايا**** وباركها وفضلها وأغنى (شبكة القلم الفكرية)