دعا مؤلف مسلس "طاش ما طاش" السعودي د. عبدالرحمن الوابلي في ندوة أقامتها جمعية "المنتدى" البحرينية بمقر الجمعية الساعة السابعة والنصف يوم الثلاثاء 24/11/2009 ، بعنوان "العرب في ظل غياب منظومة أخلاقية" إلى زرع القيم الليبرالية في الجيل القادم ليساهموا في بناء مجتمعاتهم بشكل بعيد عن القيم الرعوية والقبلية والمحافظة، في دعوة لقيادة معركة التغيير ومواجهة قوى التطرف والأصولية بالمجتمعات العربية. مشيرا الى دور مسلسل "طاش ما طاش" السعودي في وضع اليد على كثير من الجروح بطريقة ساخرة ولاذعة تسهم في تبصير ذوي الشأن وصناع القرار لتلافي الأخطاء". وقال الوابلي أن العرب لا يفرقون بين الأخلاق والأخلاقيات ونعتبرها واحدة، حيث لا تساعدنا لا اللغة ولا الضمير الجمعي على رؤية الفرق الواضح والجلي بينهما،حيث أخذنا نخلط بينهما خلطا عجيبا غريبا، فهنالك فرق كبير وشاسع بين الأخلاق والأخلاقيات، فالأخلاق هي مجموعة القيم والمبادئ التي تحرك الشعوب مثل العدل والمساواة والحرية، وتصبح مرجعية ثقافية لها وسندا قانونيا تستقي منه دولها أنظمتها وقوانينها. أما الأخلاقيات فهي مجموعة القيم والأداب، المتعارف عليها شفاهة أو كتابة بينهم، والتي تحرك أصحاب مهنة معينة، والتي يبنون عليها الأنظمة والقوانين التي يعملون تحت ظلها،أي ما نطلق عليه بأخلاقيات المهنة". وأضاف الوابلي قائلا: "الدين بشكل عام هو سند للأخلاق، وفي كثير من أحكامه الفقهية ضابط إن لم يكن مضاد للأخلاقيات. أي بأٍن الدين أتى داعماً ومؤيداً للأخلاق، التي تصب في الصالح العام. وتظهر المشكلة جلية عندما يتم الخلط بين الأخلاق والأخلاقيات، وهذا ما وقع به العرب قديماً وحديثاً. حيث خلطوا الأخلاق بالأخلاقيات، أو بالمعنى الأدق، دمجوا الأخلاق بالأخلاقيات وتعاملوا معها من هذا المنظور، المجحف بحق الأخلاق، وأصبحوا يتمتعون بأخلاقيات لا بأخلاق، ويعتبرونها هي الأخلاق. ولذلك فقدوا أي منظومة أخلاقية تنبع منها ثقافتهم الوجدانية الجمعية وتستند عليها قوانينهم وأنظمتهم الحياتية الخاصة والعامة". وقال: "أتى هذا الخلط الغريب والعجيب، من التكوين البنيوي الاجتماعي والثقافي ثم السياسي التاريخي للعرب. فقبل أن تتكون للعرب دولة، بمعنى الدولة التي تكونت لاحقاً، كان غالبية العرب، يقطنون الصحراء، ويمتهنون مهنة الرعي. أي كانت مهنة الرعي مهنتهم الرئيسية إن لم تكن الوحيدة، التي يعتاشون منها. ولذلك فمن الطبيعي بأن تظهر لديهم أخلاقيات المهنة واضحة وجلية، وهي أخلاقيات مهنة الرعي. وهذه المنظومة من الأخلاقيات، وليست الأخلاق، هي التي شكلت ثقافة القبيلة من عادات وتقاليد، أخذت تحركهم وتحفظ مصالحهم، ضد المهن الأخرى وأصحابها. ولذلك ليس بالمستغرب بأن يستنكف العربي القبلي من المهن الأخرى مثل الصناعة والزراعة ويحقرها والعاملين بها، والتي كان من الممكن بأن تغري بعض الرعاة من ترك مهنة الرعي والانتقال للعمل بها، وقس على ذلك الاندماج مع الأخر وما شابه ذلك من عادات وتقاليد، تمليها أخلاقيات مهنة الرعي. والأخلاقيات تعتمد دوماً على مفهوم التميز الذاتي والإقصاء للأخر، وعاش العرب تحرك ثقافتهم ووجدانهم الجمعي أخلاقيات مهنة الرعي، لأكثر من ألفي سنة، قبل أن تتأسس لهم دولة". وأشار د. الوابلي إلى أنه "ليس بالمستغرب بأن لا تهز قضية امرأة عجوز، قد توجد ميتة في بيتها من الجوع والبرد ضمير العرب الجمعي، وتعصف في وجدانهم قضية شابة تخلع نقاب أو حجاب، وتصبح قضيتهم الشاغلة لهم دون غيرها من قضاياهم المصيرية وقضايا الأرض قاطبة. فالأولى تنتمي لمنظومة الأخلاق العدل والتكافل الاجتماعي؛ حيث لا وجود لها في ضميرهم الجمعي، والثانية تنتمي لمنظومة أخلاقيات الرعاة، وهي الخروج عن أعراف وتقاليد وشروط القبيلة، الحاضنة والمستأمنة على مراعاة وحفظ أخلاقيات الرعي". وشهدت الندوة التي أقامتها جمعية المنتدى بمشاركة د. عبدالرحمن الوابلي حضورا واسعا من المثقفين ورجال وسيدات الأعمال إضافة الى عدد من أعضاء وأصدقاء الجمعية والمهتمين.