يتوقع أن وزير الصحة الأردني الجديد الدكتور نايف الفايز, سيجابه معارضة شديدة في الشارع الأردني، ليس بسبب توجهاته السياسية, وإنما لبرنامجه الذي يحمله من أجل مكافحة التدخين. وبحسب معلومات (عناوين), أن الفايز لن يمنع التدخين في الأماكن العامة والوزارات والمؤسسات الرسمية فقط, وإنما في المنازل أيضا. وكان منع التدخين في الأماكن العامة والمطاعم السياحية والمولات آخر قرار اتخذه وزير الصحة السابق صلاح المواجدة قبيل استقالته في التعديل الأخير على الحكومة الأردنية بيوم واحد. ولما هددت غالبية مجلس النواب بطرح الثقة بالمواجدة الشهر الماضي, فإن هذا القرار عزز عند نواب مدخنين معارضتهم للمواجدة، على اعتبار أنه سيخضعهم للمساءلة القانونية في الأماكن العامة والمطاعم التي يرتادونها. واستقبل عدد من النواب المدخنين القرار بلغة السخرية؛ فأحدهم قال ممازحا: "يبدو أن وزير الصحة الجديد عرف من أين تؤكل كتفنا، فهو كان زميلا سابقا، ونائبا أول للرئيس في البرلمان الماضي، ويعرف جيدا مفاتيح اللعبة النيابية, وكيف ينأى بنفسه عن مصائد النواب". التدخين أو كما يصفه أردنيون ب"الكيف"، قد يكون ورقة رابحة بيد وزير الصحة الجديد, فقد أثبتت التجربة أن "اللعب مع الصحافة" محسوم مسبقا لأبناء "صاحبة الجلالة"، ولكن بملاحقة المدخنيين في المطاعم والأماكن العامة ربما يكون الوضع مختلفا. يقول الكاتب والصحفي في جريدة عمون الأردنية الإلكترونية فايز الفايز: إنه لا يتخيل أن عادته التي مارسها لأكثر من عشرين عاما، بالتدخين خلال كتابة مقالة أو تحليل أو تقرير, ستنتهي بقرار لم يأخذ توقيعه من وزير الصحة أكثر من عشر ثوان. وأضاف أنه شخصيا سيتعامل مع تصريحات الوزير على أساس أنها ليست أكثر من "بالونات اختبار" لقرار أكيد أنه سيغضب المدخنين, ولكنه مطلب لغير المدخنين والمؤسسات الأهلية والتطوعية المكافحة لهذه الآفة. ولكن في حال تم تطبيق القرار، فإن العقل الباطني لدى الإعلاميين المدخنين سيعمل, بما يجعله على الأقل خطا أحمر عند المكلفين بتحرير المخالفات لمتجاوزي قرار الوزير. وتشير آخر الإحصائيات الرسمية الأردنية إلى أن نسبة المدخنين في الأردن تجاوزت 54 في المائة من إجمالي السكان، فيما قدرعدد النواب المدخنين للسجائر والسيجار الكوبي 57 نائبا من أصل 110 هم إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب الأردني. ورغم أنه لا توجد إحصائية رسمية لعدد المدخنين في الوسط الإعلامي الأردني, إلا أن نسبتهم لا تقل عن 80 في المائة ما بين مدخن للسجائر والسيجار الكوبي والأرجيلة (الشيشة). ووفق قرار وزير الصحة, فإن من تثبت إدانته بمخالفة القانون والتدخين في الأماكن العامة والمطاعم السياحية والمناطق المحددة بالقانون, معرض لغرامة مالية والحبس لمدة لا تقل عن أسبوع. وكانت أمانة عمان الكبرى "بلدية العاصمة سابقا" بدأت منذ شهرين تقريبا بتحرير مخالفات للمدخنين في الأماكن العامة, وتغريم المدخن مبلغا قدره (11) دينارا أردنيا (16 دولارا) أمريكيا، وفي حال تخلفه عن الدفع يتم جلبه عبر الشرطة ليتم عرضه على محكمة أمانة عمان الكبرى، الأمر الذي يعني أنه معرض للتوقيف في السجن أيام العطل الرسمية والأسبوعية يومي الجمعة والسبت. وإن كانت الصحة العامة هي هدف المسؤولين الأردنيين من وراء هذا القرار، إلا أن أصحاب المطاعم السياحية علقوا الجرس محذرين من أن هذا القرار يعني خسارتهم وإغلاق استثماراتهم التي كلفت بعضم مئات الآلاف من الدنانير, وبعضهم ملايين الدنانير. ويؤكد مدير أحد هذه المطاعم ويدعى "أبو أشرف", أن قرار وزير الصحة لا يقتصر على السجائر فقط، بل الأرجيلة (الشيشة) أيضا التي تعد واحدة من الأسباب الرئيسة في استقطاب زبائنهم. ويشير أبو أشرف إلى أن الفواتير اليومية التي لا تضمن طلب الأرجيلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. ويصدر مطعمه يوميا ما بين 25 إلى 35 فاتورة في أيام الأسبوع العادية. أما يوما الخميس والجمعة فهي لا تقل عن 90 فاتورة في أسوأ الأحوال. ويقول أبو أشرف: إن هذا القرار إذا طبق فعليا فإنه سيضرب استثماراتهم بمقتل, خاصة وأن في العاصمة عمان وحدها أكثر من 320 مطعما سياحيا يرتداها شهريا نحو 150 ألف مواطن و10 آلاف سائح. وعلى النقيض تماما، يعتقد النائب الإسلامي علي الضلاعين أن جادة الصواب في هذا القرار لما له من تبعيات اجتماعية إيجابية على مستوى المجتمع. ويرى أن منع التدخين في المطاعم السياحية سيحد من ظاهرة انتشار تدخين الشيشة بين الفتيات التي يعدها منافية لعادات وتقاليد المجتمع الأردني المحافظ. تداعيات القرار الذي بدئ تطبيقه في الأول من شهرمارس الحالي لم تظهر بعد، ولكن التوقعات أنه سيضع الحكومة في مواجهة مع المدخنين من النواب والإعلاميين والمواطنين، الذين ينظرون إلى الموضوع في رمته على أنه جباية. وأول فصول هذه المواجهة سيكون استجوابا للحكومة عن سبب تقصيرها في مخالفة مصانع كبرى ثبت تسببها في تلوث البيئة.