حمل لنا خبر جريدة الحياة بالأمس، رفض وزارة المالية والمؤسسة العامة للتقاعد زيادة المعاش للحد الأدنى بأن يكون 4000 ريال والخاص بالمتقاعدين، وذلك بحجة عدم وجود موازنة مالية تغطي تلك الزيادة، ما يعني بقاء دخل غالبية المتقاعدين بحدود 1800 ريال! تخيلوا هذا الدخل ونحن نعيش في زمن الغلاء الفاحش والإيجارات الملتهبة في ظل جمعية المستهلك المتهالكة والرقابة المتواضعة! والحقيقة؛ أن كثيرا من المتقاعدين محدودي الدخل كانوا قبل تقاعدهم موظفين مخلصين، تفانوا في أعمالهم وأخلصوا لها ووهبوها أعمارهم، وهؤلاء المخلصون هم من يخرجون من وظائفهم على (الحديدة) لأنهم لم يبيعوا ضمائرهم بالرشاوى ولم يستغلوا وظائفهم للتكسب منها، وبعضهم ممن هم في مراتب متدنية أو أن رواتبهم في أساسها تنهض على البدلات، فما أن يتقاعدوا حتى يجدوا أنفسهم أمام أزمات مالية، وبدلا من الراحة في كبرهم وشيخوختهم يصبحون مهمومين بمتطلبات حياة لا تفي بها معاشاتهم المتواضعة والتي لا تتعدى عند بعضهم 1800 ريال، والمأساة أن بعضهم يعيلون أسرا، فكيف بالله يتم رفض هذه الزيادة التي طال نقاشها كثيرا في مجلس الشورى لسنوات دون أن تُحرك ساكنا، هذا الرفض يزيد الطين بلة أمام متطلبات معيشية "نار"! كما أن هذه الرؤية الضيقة في عدم زيادة المعاش التقاعدي من شأنها أن تضر بعجلة التنمية الاجتماعية، فكلما قلّ مستوى الفرد المعيشي عن المستوى المقبول زاد الجهل وتفشى المرض وكثر الفساد، هذا الفساد الذي حتم وجود هيئة لمكافحته! وفي ذات الخبر أوضح مدير جمعية المتقاعدين السعودية الفريق عبدالعزيز الهنيدي أن مساعي الجمعية بفرض حد أدنى للأجور اصطدمت برفض وزارة المالية والمؤسسة العامة للتقاعد، وأوضح أن الدولة قادرة على إقرار هذا الحد، كونها حددت الراتب الأقل لمن هم على رأس العمل ب4000 ريال، وأضيف على كلامه أن الدولة ولله الحمد في نعمة كبيرة من خيرات الله التي أنعم بها كموارد دخل متعددة لهذا البلد الأمين، والإحصاءات في العام الماضي أظهرت أن عدد المتقاعدين يبلغ أكثر من 571 ألف متقاعد، وأن مصروف المعاشات للمتقاعدين كافة نحو 44 ألف مليون و558 ألف ريال، فما هذا المبلغ أمام ما أخبرنا به قبل الأمس إبراهيم المفلح مدير مصلحة الزكاة والدخل، ونقلت كلامه "العربية" بأن ما يتجاوز 750 مليارا يمثل دخل خزينة وزارة المالية من ضرائب شركات البترول الأجنبية فقط! ألا يستحق المتقاعدون ممن أفنوا أعمارهم في الخدمة العامة لوطنهم زيادة معاشاتهم لتضمن لهم على الأقل عيشا مقبولا! أخيرا؛ على مسؤولي وزارة المالية والمؤسسة العامة للتقاعد أن ينزلوا قليلا من مكاتبهم الزجاجية الفارهة إلى الشارع ويتجولوا بين الناس ويعرفوا أن حتى 4000 آلاف ريال هي بمثابة أضعف الإيمان! وقبل ذلك أن يصححوا رؤيتهم الضيقة في تهميش "المتقاعد".