انشغل الشارع الكروي في أسبانيا الأسبوع الماضي بالجدل الدائر حول سبب حزن نجم ريال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو. ولكن هذا الأسبوع ، استبعد اللاعب البرتغالي الحزين من العناوين الرئيسية للمناقشات وأنواع الجدال المختلفة وحل محله جدل جديد يحمل دلالة أكبر وأهم بكثير على مستقبل الكرة الأسبانية ، ماذا سيحدث لنادي برشلونة لو استقل إقليم كاتالونيا عن أسبانيا؟
قبل عشرة أعوام كان هذا السؤال سيبدو افتراضيا أو بعيدا عن الواقع أو حتى سخيفا.
وقبل عشرة أعوام ، بدا إقليم كاتالونيا أخيرا ، بعد سوء فهم طويل وبدايات خاطئة ، في طريقه لتحقيق حكم ذاتي ناجح ، ولو غير متجانس ، بداخل أسبانيا.
وعمل الإقليم الشمالي الشرقي الغني على نشر لغته ونظامه التعليمي وخدماته الصحية ، واعترفت به جهات عديدة حول العالم بأنه نموذج ناجح للتعايش.
ولكن الموقف في كاتالونيا اختلف كلية خلال السنوات الخمس الأخيرة بسبب انهيار الاقتصاد الأسباني مما أجبر الحكومة المركزية على محاولة تحصيل المزيد من الضرائب من المناطق الأغنى في البلاد ، وخاصة كاتالونيا.
وأدت هذه الأزمة إلى بعث فكرة الانفصال من جديد في كاتالونيا ، والغريب أن هذا الأمر جاء متزامنا مع سيطرة منتخب أسبانيا على كرة القدم العالمية بمنتخب غالبيته من لاعبي فريق برشلونة.
وفي يوم العيد القومي لكاتالونيا ، الذي وافق الثلاثاء الماضي ، جاب مئات الآلاف من الأشخاص ، ادعى منظمو الحدث أنهم بلغوا مليوني شخص ، شوارع برشلونة مطالبين بالاستقلال عن أسبانيا.
وشارك ساندرو روسيل ، رئيس نادي برشلونة ، مع أسرته في هذه المسيرات ولكنه كان سريعا في التأكيد على مشاركته بصفته الفردية وليس بصفته رئيسا لأشهر مؤسسة كاتالونية في العالم.
وشكا بعض جماهير برشلونة من أن ناديهم لم يعلن رسميا تأييده لمسيرات الاستقلال وإن كانت صحيفة "موندو ديبورتيفو" نشرت نتائج استطلاع للرأي أجرته بموقعها على الإنترنت وأظهر أن 78% من قراء الصحيفة يؤيدون موقف روسيل من عدم الدفع ببرشلونة في هذه الحركة بشكل مباشر.
ولم يشارك أي من لاعبي برشلونة في هذه المسيرات ، وربما يرجع ذلك إلى مشاركة غالبيتهم بالفعل في جولة تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم 2014 مع منتخب أسبانيا يوم الثلاثاء.
وسعدت جماهير كاتالونيا المشاركة في المسيرات يوم الثلاثاء بتلقي رسالة دعم مصورة من مدرب برشلونة السابق بيب جوارديولا الذي يعيش في نيويورك حاليا بعدما أنهى عهده التدريبي المذهل الممتد لأربعة أعوام مع برشلونة قبل أربعة أشهر.
ولاقى دعم جوارديولا لحركة الاستقلال الكاتالوني إشادة غالبية ، وليس كل ، جماهير برشلونة. ولكنه في الوقت نفسه أثار انتقادات العديد من قطاعات الإعلام المدريدي ، وخاصة صحيفتي "لا رازون" و"ماركا" ، وفي الكثير من مدونات الجماهير وفي الإعلام الاجتماعي.
وأكد اللاعب السابق ألفونسو بيريز الذي لعب إلى جوار جوارديولا في برشلونة ومنتخب أسبانيا أنه خاب ظنه في جوارديولا بعد تأييده للاستقلال قبل أن يضيف: "بدأت أشك فيما إذا كان جوارديولا حقا سعيد بنجاح المنتخب الأسباني".
والطريف أن فيسينتي ديل بوسكي مدرب أسبانيا هب للدفاع عن جوارديولا أمس الأول الخميس عندما قال: "للكاتالونيين الحق في طلب الاستقلال. فالحرية هي أن يكون لكل الناس الحق في تقرير مصيرهم".
ويبدو استقلال كاتالونيا عن أسبانيا أصعب من استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة على الأقل في المستقبل القريب.
حيث يستبعد أن تكون نسبة كبيرة من سكان كاتالونيا البالغ تعدادهم 6ر7 مليون نسمة ، نحو مليون نسمة من المهاجرين القادمين من دول أمريكا الجنوبية المتحدثة بالأسبانية ، راغبين في الانفصال عن أسبانيا.
ولكن مسيرات الثلاثاء الحاشدة طرحت سؤالا آخر يتعلق بما سيحدث لبرشلونة لو تحقق استقلال كاتالونيا بالفعل.
فقد أكد روسيل يوم الأربعاء الماضي أنه حتى في حالة الاستقلال سيبقى برشلونة بالدوري الأسباني "كما يلعب نادي موناكو مثلا بالدوري الفرنسي".
ولكن "موندو ديبورتيفو" و"آس" أشارتا أمس الجمعة إلى أنه وفقا للوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فإن برشلونة سيتعين عليه المنافسة في دوري كاتالوني جديد.
ولا تبدو فكرة أن ينافس برشلونة فرقا كاتالونية مثل إسبانيول ولييدا وخيرونا بدلا من منافسة ريال مدريد وبلنسية وإشبيلية مقبولة لدى غالبية جماهير النادي.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته "آس" بموقعها على الإنترنت أمس أن 85% من القراء يفضلون عدم استمرار برشلونة في الدوري الأسباني في حالة انفصال إقليم كاتالونيا.
ومما يزيد الوضع اشتعالا إعلان برشلونة في الأسبوع الماضي أن القميص الثاني لفريقه سيحمل ، وللمرة الأولى في تاريخه ، الخطوط الحمراء والصفراء المميزة لعلم كاتالونيا.