هبت رياح الربيع العربي على الكويت بشكل عاصف مساء الأربعاء ، وشكلت تطورا خطيرا هو الأبرز في تاريخ الحياة النيابية هناك ، حينما اقتحم آلاف الكويتيين مبنى مجلس الأمة مطالبين بإقالة رئيس الوزراء وحل المجلس الذي اتهموه بالفساد. وقامت قوات الشرطة بتفريق متظاهرين كانوا يشاركون في مسيرة احتجاج على رئيس الوزراء تطالب بإقالته، كما أعلن عضو في حزب معارض. وأمر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الخميس قوات الحرس الوطني والأجهزة التابعة لوزارة الداخلية بأخذ كل التدابير للحفاظ على امن واستقرار الكويت بكل حزم غداة اقتحام آلاف المتظاهرين برفقة نواب معارضين مبنى مجلس الأمة للمطالبة بإقالة رئيس الوزراء. كما كلف مجلس الوزراء وزارة الداخلية بملاحقة المسئولين عن اقتحام البرلمان. وأكد بيان نقلته وكالة الأنباء الكويتية أن أمير البلاد "أمر وزارة الداخلية والحرس الوطني باتخاذ جميع الإجراءات والاستعدادات الكفيلة بمواجهة كل ما يمس أمن البلاد ومقومات حفظ النظام العام فيها واستقرارها". كما أمر الشيخ صباح بتزويد هذه الجهات "بكافة الصلاحيات اللازمة لضمان استتباب الأمن وتطبيق القانون بكل حزم وجدية لوضع حد لمثل هذه الأعمال الاستفزازية المشينة تجسيدا لدولة القانون والمؤسسات". وأعرب أمير الكويت في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الكويتية الخميس عن "عميق الأسف والقلق والاستياء إزاء هذه التصرفات العبثية غير المعهودة والتي يرفضها أهل الكويت جميعا". كما اعتبر أن اقتحام "بيت الأمة على هذا النحو غير المسئول وانتهاك حرمته هو مساس بالثوابت الكويتية وخطوة غير مسبوقة على طريق الفوضى والانفلات تشكل تهديدا للأمن والاستقرار وللنظام العام في البلاد لا مجال للقبول به أو التراخي إزاءه بأي حال من الأحوال". كما ذكر البيان أن مجلس الوزراء كلف وزارة الداخلية والجهات الأخرى المعنية "بمباشرة الإجراءات القانونية المناسبة إزاء جميع الممارسات المخالفة للقانون التي شهدتها أحداث ليلة" الأربعاء. وأشار إلى أن هذه الإجراءات تشمل "ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من مظاهر التحريض وكل ما يشكل تجاوزا للقانون". وكان ألاف المتظاهرين يرافقهم نواب من المعارضة، اقتحموا مساء الأربعاء مبنى مجلس الأمة في العاصمة الكويتية ودخلوا القاعة الرئيسية حيث رددوا النشيد الوطني قبل ان يغادروا المكان بعد ذلك بدقائق. وهذه التظاهرة غير مسبوقة في الكويت. وكان المتظاهرون متوجهين في مسيرة إلى مقر رئيس الوزراء القريب وهم يهتفون "الشعب يريد إقالة الرئيس" عندما اعترضتهم قوات الشرطة واستخدمت الهراوات لمنعهم من التوجه الى مقر الشيخ ناصر المحمد الصباح. ونظمت التظاهرة بدعوة من المعارضة للمطالبة بإقالة رئيس الوزراء وحل مجلس الأمة. وقال النائب مسلم البراك الذي قاد المسيرة مع عدد آخر من النواب والناشطين الشبان الذين يطالبون أيضا بحل البرلمان المتهم بالفساد "لقد دخلنا مجلس الأمة". واقتحم المتظاهرون بوابة البرلمان ودخلوا القاعة الرئيسية حيث رددوا النشيد الوطني قبل أن يغادروا المكان بعد ذلك بدقائق. وكان المتظاهرون متوجهين في مسيرة إلى مقر رئيس الوزراء القريب وهم يهتفون "الشعب يريد إقالة الرئيس" عندما اعترضنهم قوات الشرطة لمنعهم من التوجه إلى مقر الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح بعد أن نظموا تظاهرة حاشدة أمام البرلمان. وأفاد شهود أن خمسة متظاهرين على الأقل أصيبوا بجروح وتم إسعافهم في المكان. وأكد بعض المتظاهرين أنهم سيواصلون الاعتصام خارج البرلمان حتى رحيل رئيس الوزراء. وحسب موقع صحيفة الوطن الكويتية فإنه "في ظلِّ أجواء محتقنة خلَّفها ما جرى في مجلس الأمة التي شهدت جلساته الأخيرة احتجاجات نيابية صعدت من وتيرة التأزيم والتصعيد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتمثلت آخرها في انسحاب 20 نائباً من الجلسة دون المشاركة في التصويت على رفع استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد والمقدم من النواب أحمد السعدون، وعبدالرحمن العنجري، من جدول الأعمال بناء على قرار المحكمة الدستورية بعد موافقة 38 عضواً وعدم إدلاء 26 عضواً بأصواتهم من إجمالي الحضور البالغ 64 عضواً، ثم مقاطعة الجلسات كما حدث اليوم الأربعاء. أربعاء الشرعية بالدستور في ظلِّ هذه الأجواء بدأت فعاليات ساحة الإرادة التي هي على موعد مع "أربعاء الشرعية بالدستور"، وهو الاسم الذي أطلقه المنظمون على تجمع الليلة، حيث توافدت جموع من المواطنين للمشاركة في هذه الفعاليات التي دعى إليها بجانب المنظمين مجموعة من نواب المعارضة. ووفقا لمراسل قناة «الوطن» مبارك القناعي أوضح أنَّ الحضور بساحة الإرادة يبدأ في التجمع وأن عدد الحضور حتى الساعة الثامنة من مساء الليلة يقارب ال 1000 أو يزيد بعض الشيء وأن العدد على ترقب للازدياد. وأشار القناعي إلى أنَّ مطالب الحضور من النواب وهم من كتلة المعارضة التي سبق ودشنت مجموعة من الندوات والفعّاليات، بالإضافة إلى القوى السياسية والشباب، تنعكس من خلال ما يدور حول استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء إلى جانب المطالبات التي نادى بها الحشود في وقت سابق من حكومة جديدة ورئيس وزراء جديد، وغيرها من المطالب الأخرى التي تمَّ ترديدها في أوقات سابقة. ومن ساحة الإرادة، تساءل النائب عبدالرحمن العنجري "هل يعقل أن يكون برلماننا مشابهاً لبرلمان فتحي سرور في مصر أو برلمان زين العابدين". ومن جانبه أكد النائب مبارك الوعلان من ساحة الإرادة أنَّ "رئيس الوزراء مشتبه به في قضايا عدة، وعليه الصعود إلى المنصة وتبرئة نفسه". وبدوره أوضح النائب د. وليد الطبطبائي من ساحة الإرادة أنَّ "الدستور لدينا في الكويت انتقل إلي رحمة الله تعالى عن عمر يناهز ال49 وأربعة أيام"، وأضاف د.الطبطبائي "نعزي الحضور بهذا الأمر، ورئيس الوزراء عندنا "silent" وإلغاء الحياة النيابية أفضل من مجلس بصام". دعوات لاستمرار المسيرات وأوضح د. الطبطبائي "سنستمر بشكل يومي في التجمعات ولن نتوقف، وهناك مسيرة بعد الانتهاء من الكلمات ونقول لأعداء الدستور أنتم من يجب أن يرحل، وارحلوا، ويسقط أعداء الأمة"، معلناً عن خطة للمبيت إلى أن تتحقق مطالبات المعتصمين لم يحدد مكانها وزمانها بعد. ويأتي هذا فيما يستعد رجال القوات الخاصة بإغلاق الشوارع والوقوف بصفوف منظمة بجانب الشوارع المطلة على ساحة الإرادة مع إعلان منظمي تجمع الشرعية الدستورية عن مسيرة ستنطلق بعد انتهاء كلمات المتحدثين. وفي خطاب شديد اللهجة قال النائب مسلم البراك من ساحة الإرادة "تباً لهذا المجلس القبيض، وسنعمل كل شئ لإسقاط ناصر المحمد، سننظم المسيرات والاعتصامات والإضرابات حتى يرحل". وأكد البراك "نحن لا ندعو إلى حمل السلاح وإنما إلي حرية الكلمة، وندعو للاستمرار في الاعتصامات للدفاع عن الكرامة". هذا وقد بدأت مسيرة احتجاجية عقب انتهاء المتحدثين من كلماتهم، حيث تستعد القوات الخاصة لمواجهة تداعياتها. وإزاء قيام المعتصمين برشق رجال الداخلية بقناني الماء، وعقب قيام القوات الخاصة باقتحام صفوف المتظاهرين ساعية لتفريقهم ومنعهم من التقدم، وفي ظلَّ إصرار الداخلية على عدم فتح الطريق للمسيرة والتهويش بالمطاعات، وعقب محاولات من قبل المنطلقين في مسيرة بإبعاد الأسوار الحديدية عن الطريق وسط هتافات " الشعب يريد إسقاط الرئيس"، وقع احتكاك بين المعتصمين وقوات الأمن أدى إلى وقوع إصابات بساحة الإرادة، كما حدث تدافع تسبب في سقوط بعضهم، وعدد كبير من "الغتر والعقل" تتساقط على الأرض. هذا وقد توقفت المسيرة بعد منع الداخلية استمرارها، وفي غضون ذلك صاح المحتجون " إنطقينا .. إنطقينا ". هذا وقد بدأت حشود المتظاهرون تعاود التجمع مرة ثالثة أمام الحاجز الأمني الحديدي المعزز بالقوات الخاصة، مرددين نفس الهتافات "ارحل، ارحل يا ناصر"، و"الشعب يريد إسقاط الرئيس" و"الله أكبر، حرية، حرية". وفي غضون ذلك قال النائب مبارك الوعلان "احذر وزير الداخلية من تورط القوات الخاصة بالتعدي على المتظاهرين، ونحن في دولة مؤسسات ولن نقبل أن نعيش في جلباب الفداوية الذين أوهموكم بأنكم على صواب، فنحن أحرار من ظهر رجال أحرار". وعقب ما حدث من اشتباكات بين المتظاهرين والقوات الخاصة لوحظ أن النائب السابق محمد الخليفة قد تعرض لحالة إغماء في ساحة الإرادة. من جانبه دعا النائب د.جمعان الحربش جميع المتواجدين في تقاطع الشارع المؤدي لقصر رئيس الوزراء بالجلوس إلي الصباح، صارخاً "باسم نواب الأمة اقعدوا اقعدوا". اقتحام مجلس الأمة وفي تطور خطير قام المتجمهرون باقتحام مبنى مجلس الأمة، حيث أعلنوا عن نيتهم بالمبيت داخله، حيث دخل النواب والمتظاهرون إلى باحة مجلس الأمة للاعتصام به ثم إلى قاعة عبدالله السالم. وقد تزعم النائب مسلم البراك مقتحمي قاعة عبد الله السالم، حيث هاجم المحمد والخرافي والحكومة، معلناً الوقوف بالقاعة وسط صيحات النشيد الوطني، في حين طمأن النائب د.فيصل المسلم المعتصمين. هذا وقد قامت قوات حرس مجلس الأمة باعتقال عددٍ من المواطنين الذين دخلوا المجلس.. بينما قام المتظاهرون بمغادرة قاعة المجلس. كما قامت كتيبة من القوات الخاصة لمكافحة الشغب بالتوجه إلى ساحة الإرادة بعد اقتحام المتظاهرين مبني مجلس الأمة، في حين أصيب عسكري من حرس مجلس الأمة في ساحة الإرادة، وتم طلب سيارة إسعاف له. وقال افراد القوات الخاصة والشرطة انهم حاولوا بكل السبل منع المتظاهرين من التقدم الى منزل المحمد الا انهم فوجئوا بإصرارهم على التقدم حتى لو ادى الامر الى التصادم، وهو ما حصل عبر القاء زجاجات وحجارة على بعض عناصر الامن الذين اصيب بعضهم بجروح وكدمات ما اضطرهم الى الرد وتفريق المتظاهرين بالقوة، واكد اللواء محمود الدوسري ان "قوات الأمن لم تبادر بالاعتداء على المتظاهرين ولكنها وجدت نفسها في موقع الدفاع". اما النواب والمتظاهرون فقالوا ان افراد الشرطة تعاملوا معهم بمسؤولية وحرص «الا ان افراد القوات الخاصة كانوا يملكون اوامر بالتصدي والضرب وهو ما فعلوه ضد المتظاهرين الذين اضطروا الى الدفاع عن انفسهم». متحدثين عن إصابات كثيرة وعن تعرض النائب السابق محمد الخليفة الى الاغماء. وبعدما دعا النواب المتظاهرين الى افتراش الارض والمبيت ليلا قرب الطريق المؤدية الى منزل المحمد، عادوا وقادوا التظاهرة الى مجلس الامة حيث وقف النائب مسلم البراك امام الباب الرئيسي وسأل عناصر الحرس الوطني: «هل هناك رجال امن في الداخل؟»، وقبل ان يسمع الاجابة قام العشرات باقتحام اسوار المجلس واقتحام المبنى وفتح الابواب للمتظاهرين الذين دخلوا الى قاعة عبد الله السالم وجلسوا على مقعد الرئاسة ومقاعد النواب، وانشدوا النشيد الوطني وسط دعوات البراك المتكررة بعدم التخريب والاكتفاء «باسماع العالم ان الشعب يرفض النواب القبيضة»، ثم طالبهم بالخروج مجددا الى ساحة الارادة فيما اعلن الحرس الوطني اصابة بعض منتسبيهم بجروح خلال منعهم المتظاهرين من اقتحام المبنى. وتوعد البراك وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود قائلا : «ستتحملون مسؤولية ضرب الناس. ذبحتم اخوانكم. ستدفع الثمن وساستجوبك». وخاطب رجال الامن بقوله: "الجيش المصري ليس افضل منكم". وكان البراك وصف في مهرجان ساحة الارادة ما جرى صباح أول من امس في قاعة عبد الله السالم بانه «جريمة نكراء»، قائلا «طز و60 طز في مجلس الامة»، داعيا الى استمرار الاعتصام ومنع النواب «القبيضة» من دخول المجلس. وتردد النائب فلاح الصواغ في دخول المجلس رغم دعوة الجمهور له قائلا: ان ما يحصل: «صعب وكبير»، في حين دعا النائب مسلم البراك المتجمهرين الى الالتحاق بساحة الارادة "لان الرسالة وصلت". وذكرت صحيفة «الراي» ان مجلس الوزراء سيعقد جلسة طارئة الخميس وسيتخذ "قرارات مهمة".