ذكرت شبكة (سي ان ان ) في تقرير لها مساء السبت 29 اكتوبر 2011 ان قضية مقتل عبد الرحمن نجل القيادي في تنظيم القاعدة، أنور العولقي، فتحت الباب من جديد على النقاشات حول شرعية غارات الطائرات العاملة من دون طيار والعمليات التي تستهدف قيادات التنظيمات المسلحة، خاصة وأن القتيل من مواليد كولورادو، ولا يكاد يختلف عن أي مراهق أمريكي آخر، إذ تشير صفحته الشخصية على موقع فيسبوك إلى أنه كان يحب روايات "هاري بوتر" وموسيقى مغني الراب "سنوب دوغ." وتقول عائلة العولقي إن عبدالرحمن خرج نهاية سبتمبر الماضي من العاصمة اليمنية صنعاء للبحث عن والده في المناطق النائية التي لجأ إليها، ولكن القيادي في تنظيم القاعدة قتل بغارة أمريكية في اليوم التالي. وبعد أيام جرى الإعلان عن مقتل عبدالرحمن وأحد أبناء عمومته في غارة أخرى استهدفت القيادي في تنظيم القاعدة، إبراهيم البنا. ويبدو أن سبب بقاء عبدالرحمن مع البنا غير واضح بعد، ولكن مقتله أثار الجدل حول إستراتيجية استخدام الطائرات العاملة من دون طيار، والتي تحولت منذ عام 2004 إلى أداة رئيسية في الحرب الأمريكية على التنظيمات المسلحة المتهمة بالإرهاب في أفغانستانوباكستان، وكذلك بالصومال واليمن. ويقول جون بيلنغر، الذي كان مستشاراً قانونياً لدى وزارة الخارجية الأمريكية خلال الفترة ما بين عامي 2005 و 2009، إن واشنطن قامت بمجهود كبير للحد من الخسائر الجانبية لعملياتها العسكرية من خلال استخدام هذه الطائرات بصورة منسجمة مع القانون الدولي، ومع اعتبارات تحديد الأهداف وضربها بدقة دون إلحاق الأذى بالمدنيين. ويبدو أن ما قاله بيلنغر دقيق إلى حد ما، إذ أن القوات الأمريكية تخصص الكثير من الوقت والموارد لتطوير تكنولوجيا الطائرات العاملة بدون طيار بهدف تجنب إصابة أهداف مدنية، ويظهر ذلك بوضوح من خلال ملاحظة التراجع الكبير مؤخراً في الخسائر المدنية الناجمة عن غارات تلك الطائرات في باكستان. غير أن القضية الأساسية تكمن في مدى قانونية الغارات التي تستهدف شخصيات في تنظيمات إرهابية خلال وجودها مع مرافقين غير محددين، ويكون السؤال بالتالي: هل يحق للقوات الأمريكية المجازفة بحياة المدنيين من أجل القضاء على شخصية قيادية في تنظيم خطير؟ ويرد بيلنغر بالقول إن هذا الأمر جائز "شرط التأكد من عدم استهداف المدنيين بشكل مباشر من جهة، وقيام الجيش بتقييم الوضع بشكل يتم يتأكد معه من أن المكاسب الناجمة عن قتل الشخصية المطلوبة تفوق الأضرار الناجمة عن سقوط خسائر في صفوف المدنيين من جهة ثانية." غير أن رد بيلنغر يفتح الباب على أسئلة جديدة، لعل أولها تحديد هوية الجهة التي يمكنها إجراء تقييم من هذا النوع، أو وضع المتهمين بالإرهاب ضمن "قوائم التصفية" بهدف التخلص منهم. وتقول السلطات الأمريكية إنها كانت تجهل وجود عبدالرحمن العولقي مع البنا، غير أن الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية لم يخف عدم ارتياحه لهذه التصريحات، وقام بطلب الحصول على توضيحات قانونية حول مقتل العولقي الأب، ونجله عبدالرحمن، وأمريكي ثالث هو سمير خان، عبر ضربات جوية في اليمن. وطلب الاتحاد رفع السرية عن مذكرة إدارية يعتقد أنها صدرت العام الماضي من وزارة العدل، وتتيح قتل العولقي، رغم أنه مواطن أمريكي يفترض أن يتمتع بحقوق قانونية ودستورية تحول دون تعرضه للقتل من قبل السلطات بهذه الطريقة. وفي هذا الإطار، كتب جاك غولدسميث، الذي كان مستشاراً قانونياً لوزارة الدفاع في حقبة الرئيس السابق جورج بوش، قائلاً إن نشر التبريرات القانونية لقتل أنور العولقي (أو سواه من الموجودين على قوائم القتل) سيخلق المزيد من المشاكل لأنه سيتيح للقانونيين والصحفيين والنواب انتقاد مرتكزاتها والتشكيك بها. وأضاف غولدسميث، في مقال كتبه على مدونته الشخصية: "كشف التبريرات القانونية سيتيح معرفة ما إذا كانت الحكومة (الأمريكية) تعتقد بأن للعولقي حق الاستفادة من التعديلات الدستورية الأولى والرابعة والخامسة، كما سيدل على الأسباب التي دفعتها إلى عدم إتاحة تطبيق هذه الحقوق عند استهدافه بضربة جوية." ولكن بيلنغر رد بالقول إن واشنطن ليست ملزمة بتقديم معاملة خاصة لمواطنيها المتهمين بالتورط في النشاطات الإرهابية قائلاً: "لو أن أحد الأمريكيين انضم إلى الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية لما كان على الجيش الأمريكي أن يطلب إصدار مذكرة اتهام بحقه قبل قتله." غير أنه عاد وقال لCNN إن على إدارة الرئيس باراك أوباما أن تقدم "توضيحات أفضل" حول هوية من يتم استهدافهم والإجراءات المتخذة لضمان عدم استهداف من ليس له علاقة.