أثار كتاب «التوراة جاءت من جزيرة العرب» للمؤرخ اللبناني الراحل كمال الصليبي جدلاً كبيراً، عقب صدوره في منتصف ثمانينات القرن الماضي، ليس على المستوى العربي فحسب، بل على المستوى العالمي كذلك. وتجدد الجدل أخيراً، إثر وفاة الصليبي في مطلع الشهر الجاري عن 82 عاماً. ويطرح المؤلف في كتابه نظرية تقوم على ضروة إعادة النظر في الجغرافيا التاريخية للتوراة، إذ يثبت أن أحداث العهد القديم لم تكن ساحتها فلسطين، بل إنها وقعت في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية بمجاذاة البحر الأحمر، مستدلاً بأدلة اكتشفها في مجالي اللغة والآثار، ومعتمداً على أسماء وردت في التوراة. قوبلت نظرية الصليبي بهجوم شديد، ليس من اليهود فحسب، بل من باحثين عرب، رأوا أن المؤلف يريد أن يمنح للصهاينة حقوقاً جديدة، وامتداداً تاريخياً آخر. فيما نفى الصليبي ذلك، مشيرا إلى ان «بني اسرائيل كشعب انقرض من الوجود في القرن الخامس قبل المسيح. أما تاريخ اليهودية كدين فهو شيء آخر. وان بني اسرائيل في زمانهم، سواء عاشوا في فلسطين أو في عسير كانوا يهوداً، لكن لم يعد لهم وجود كشعب، والدعوة الصهيونية على خطأ، لأنها تعتبر أن يهود اليوم هم الورثة الشرعيون لبني اسرائيل». وقال الكاتب الصحافي سمير عطالله في مقالة له أخيراً بصحيفة الشرق الأوسط «أعتقد أن الصليبي قلب الأشياء في مطالعته. فبدل أن يعتبر أن الأسماء ذهبت من فلسطين إلى الجزيرة العربية، خلال هجرتين يهوديتين، رأى أنها جاءت من هناك. وأغفل أيضا أن ثلاثة أرباع التوراة مكتوب باللغة الآرامية وربعها فقط بالعبرية. القسم العبري قبل بابل، والقسم الآرامي بعدها. ولم يرد في القسمين اسم عسير، ولا أي كلمات عربية أخرى، فكيف تكون قد جاءت من جزيرة العرب. ومعروف أن أي حاخام يجب أن يدرس اللغة الآرامية، وإلا استحالت تسميته».