من أجل إضعاف الحكومة الكوبية وتضييق الخناق عليها، تبنت وزارة الخارجية الأميركية بالتعاون مع جهات متخصصة خطة مدروسة لجذب الأطباء الكوبيين إلى الولاياتالمتحدة، ويعمل آلاف منهم في 77 دولة حول العالم. وقد تم إطلاق برنامج «المساعدة التضامنية» في ،2006 في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة في هفانا الحد من هجرة العقول إلى الخارج. وترفض الحكومة الكوبية تصديق شهادات الأطباء لكي تصعب عليهم الحصول على عمل في أميركا، ومن ثم تثنيهم عن الهجرة. ويعمل عدد كبير من الأطباء في افريقيا وآسيا وأدغال أميركا اللاتينية، ويحظى هؤلاء باحترام الناس ويتمتعون بشعبية كبيرة. والسبب يعود إلى الكفاءة العالية التي يتميز بها الخريجون من كليات الطب الكوبية، فضلاً عن قبولهم بالعمل في ظروف صعبة وعلاج أمراض خطيرة، إذ يعالجون المصابين بالجذام في تايلاند وضحايا الكوليرا في هايتي. وفي المقابل، يتقاضى الأطباء العاملون في البرنامج رواتب غير مجزية (500 دولار شهرياً)، الأمر الذي جعل بعضهم يفضل الهجرة إلى أميركا أو طلب اللجوء السياسي إليها. في ،2006 أطلقت وكالة الاستخبارات الأميركية «سي أي أيه»، برنامج «إطلاق سراح الكوادر الطبية الكوبية»، من أجل سرقة العقول الكوبية، وكان الهدف من ذلك إضعاف النظام الصحي والحكومة في كوبا. في هذا السياق، قالت منظمة «تضامن بلا حدود»، التي تتخذ من ميامي مقراً لها، إن نحو 200 طبيب أسنان كوبي، كانوا قد تركوا وظائفهم في برنامج المساعدات حول العالم، ولم يتمكنوا من العمل في الولاياتالمتحدة، لأن السلطات الكوبية رفضت تصديق شهاداتهم. ونقلت صحيفة أميركية قصة الطبيبة داشا فرياس، التي غادرت بعثة إنسانية موجودة في «باريو أدنترو»، في فنزويلا، سراً، وانتقلت إلى أميركا عبر كولمبيا. ولم تتمكن الطبيبة من الحصول على فرصة عمل، لأن شهادتها غير مصدقة. وفي النهاية اضطرت للعمل كأمينة صندوق في أحد النوادي الليلية في ميامي. والمشكلة أن الأطباء الذي يحلمون بوضع أفضل في أميركا لا يعلمون ما قد يحصل لهم من دون شهادات مصدقة. ويقول منتقدون إن الإجراءات الإدارية المعقدة في المؤسسات الرسمية الأميركية تلعب دوراً في هذه المشكلة. وترفض السلطات منح الإقامة للكوبيين المنتمين للحزب الشيوعي، إضافة إلى ذلك، يطلب من الأطباء اجتياز امتحاني اللغة الإنجليزية والمهارة المهنية. وتقول مصادر صحفية إن ما لا يقل عن 3000 طبيب فروا إلى الولاياتالمتحدة عبر طرق مختلفة، خلال السنوات الأخيرة. ويلجأ البعض إلى رحلات سرية بين مدارج طائرات داخلية في بلدان لاتينية ومطارات في جنوب أميركا. إلا أن صحيفة «وول ستريت جورنال»، تقول إن الرقم مبالغ فيه، وأشارت إلى أرقام رسمية حصلت عليها من مصادر حكومية، تقول إن 1574 طبيباً كوبياً طلبوا اللجوء السياسي في الولاياتالمتحدة، خلال السنوات الأربع الماضية، منهم 1.89? فقط يعملون في برنامج المساعدات. وعلى الرغم من الحصار الذي تفرضه واشنطن على كوبا، منذ عقود، فإن هافانا استطاعت أن تصدر نحو 37 ألف طبيب في مختلف التخصصات للعمل في 77 بلداً، الأمر الذي يعتبر ظاهرة غير مسبوقة.