خلال فترة قياسية لا تتجاوز الأسبوع ، استطاع المجتمع أن يوحد صفوفه في مواجهة رفع الأسعار لسلعة استهلاكية ضرورية وهي الحليب واللبن ، فبعد أقل من يوم من إطلاق حملة المقاطعة لمنتجات الشركة بسبب رفعها غير المبرر للأسعار انتشرت أصداء الحملة في جميع وسائل التواصل من شبكات اجتماعية أو بلاك بيري أو رسائل للجوال، وتبادل الناس صور ثلاجاتهم وسفرة الطعام وهي تتزين بمنتجات بديلة، وبعد أيام من الحملة انتشرت صور أرفف الشركة المبالغة في رفع السعر في الأسواق ومنتجاتها متراكمة من دون أن يشتريها أحد في مؤشر لا لبس فيه لنجاح المقاطعة ، بل إن صدى المقاطعة وصل للدول المجاورة التي تضامن مواطنوها مع الحملة وقاطعوا منتجات الشركة . وقد وصل انخفاض المبيعات للبن والحليب للشركة حسب أحد الأصدقاء الذين يملكون سلسلة من السوبرماركتات في المنطقة الشرقية أكثر من 40%، وهو انخفاض حاد جدا يستحيل للشركة أن تتحمله لفترة طويلة، خاصة أن نصف مبيعات منتجاتها هي من الألبان، كما أنها قد تخسر عملاءها للأبد إذا وجدوا بدائل بنفس الجودة واعتادوا عليها. في نفس يوم صدور قرار إعادة الأسعار للألبان خرج المدير التنفيذي للشركة وذكر أن مبيعات الشركة (لم تتأثر). وأن عدم رفع السعر سيؤدي لإضرار في استثمارات القطاع وقد يؤدي لنقص في توفير السلع ، أما التأثر بالمبيعات فالجميع شاهد بنفسه تأثير المبيعات ولا نحتاج تأكيد أي جهة، أما تضرر الاستثمارات، فكما أشرنا بالمقال السابق زادت أرباح الشركة عن 1200 مليون ريال! أما النقص في معروض السلع، فإن حدث هذا النقص - كما يقول المدير التنفيذي للشركة- فحله بسيط ، و هو إيقاف التصدير ، حيث تصدر الشركة الألبان للبحرين والكويت وقطر والإمارات ، فالمستهلك المحلي أولى بالاستفادة من منتج مدعوم من قبل الدولة ويستنزف الموارد الطبيعية بشكل كبير . إن النجاح الكبير لهذه الحملة يمثل رسالة واضحة لكل التجار بأن يراعوا المستهلك قبل أن يفكروا بمضاعفة أرباحهم من دون مبرر استغلالا لقوتهم في السوق أو احتكارهم لسلعة معينة . كما أن نجاحها زرع الثقة في نفوس المستهلكين بأن لديهم القدرة على حماية أنفسهم من جشع بعض التجار من دون انتظار تحرك جمعيات حماية المستهلك أو غيرهم. (اليوم)