حين فر السوري محمود عرابي مع عائلته إلى الأراضي اللبنانية في أحد الليالي المظلمة بعيدا عن منزله وأرضه، كان يرتدي ملابس النوم، تاركا خلفه كل ما يملكه.واليوم وبعد مرور نحو شهر على لجوئه إلى لبنان، لا زال عرابي يرتدي الثياب ذاتها، غير مدرك لما ينتظره وعائلته في المستقبل. وذكرت شبكة ( سي ان ان ) في تقرير لها الاثنين 13 يونيو 2011 ان عرابي وعائلته وآلاف السوريين فروا من بلدة تل كلخ السورية ومحيطها بعد أن دخلت قوات الجيش البلدة لمحاصرة المتظاهرين، واعتقال الكثير من الرجال، بينما كان معظم الفارين من الأطفال والنساء، وفقا لأمنيستي. وقال محمود عرابي، في مكالمة هاتفية مع ( سي ان ان ): "هربت مع عائلتي بأكملها، ولم يبق أحد هناك. أحد أبنائي أصيب بطلق ناري في الطريق، بينما اعتقلت قوات الجيش ابني الآخر. لقد قررنا القدوم هنا إلى لبنان بسبب الأوضاع السيئة في سوريا، فهناك القتل، والتدمير، والظلم." وتقدر المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عدد اللاجئين السوريين في لبنان بنحو أربعة آلاف شخص، عبروا الحدود خلال الشهر الماضي، ليعيشوا مع عائلات لبنانية في منطقة وادي خالد شمالي لبنان، إذ فتحت هذه العائلات بيوتها لاستقبال من لجؤوا إليهم من دون أي معرفة سابقة. سعد الله سميران، لبناني فتح منزله أمام عدد من العائلات السورية المكونة من 40 شخصا، ويقول: "كنا بانتظار هذه العائلات على الحدود مع سوريا، وسألناهم عما إذا كان لديهم مكان يقيمون فيه، وحين أجابوا بالنفي، اصطحبناهم إلى بيوتنا، ليقيموا معنا." ويضيف سميران بالقول: "عالجنا الجرحى على حسابنا الخاص، واستقبلناهم في بيوتنا بسبب الظلم والاستبداد في بلادهم، ففي النهاية نحن جميعا عرب وأخوة." أم جمال، سيدة سورية فرت مع عائلتها من تلكلخ إلى لبنان، وقالت إن الجيش السوري كان يطلق النار باتجاه مركبتهم وهم في الطريق، وأضافت بالقول: "أتينا إلى لبنان ونحن لا نعرف أحدا، فهؤلاء الأشخاص فتحوا أبواب بيوتهم لنا، فنحن لم نحضر من بيوتنا أي شيء، حتى النقود تركناها هناك." من جهة أخرى، تقول سيلينا ناصر، الباحثة في أمنيستي إن معظم النساء والأطفال خائفون من العودة إلى ديارهم، وتضيف: "العائلات التي التقيتها في لبنان أفرادها تم اعتقالهم في سوريا، فالجيش السوري كان يقوم بحملات اعتقال جماعية." ويؤكد أحد منسقي المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن روحا من التعاون تسود هذا المجتمع، فالناس يتشاركون في مساندة هؤلاء اللاجئين. ولكن، يبدو المستقبل غامضا أمام اللاجئين السوريين بشأن العودة إلى ديارهم، فسميران يؤكد أن الكثيرين ممن سمعوا أن الأحوال هدأت في البلاد، وعادوا، تم اعتقالهم على الفور. ويضيف بالقول: "لا أحد يجرؤ على العودة، لذا، فمدة بقائهم بيننا قد تطول، ونحن نتخوف من أن الموارد لدينا قد لا تكون كافية." يذكر أن هيئات لبنانية ومؤسسات دولية ساهمت في إعانة هؤلاء اللاجئين عبر توزيع الفراش، والبطانيات، ووجبات الطعام، إضافة إلى الإعانة الطبية.