القاهرة :هالة أمين لا تقف عند كل نقطة وحرف وكلمة في تعاملك مع الاخرين ،فذلك يؤدي إلى تكبير الأمور والانشغال بالأقل أهمية عن الأهم، وانظر إلى البحر المعطاء إذا رميت فيه حجر صغير فأنه لن يتوقف عن العطاء ولا عن التدفق والمرور. وحاول جاهدا ان تعتاد على العفو والصفح عن هفوات الاخرين . والترغيب في العفو والصفح عن المسيء ليس لأن ديننا يغرس فينا الضعف والهوان أو الذلة والمسكنة كما قد يتصور البعض ، لا ولكنه يلفت نظرنا إلى أن الحب سلاح يمتص الكره من قلوب من يسيء إلينا، وإلى أن العطاء خير ما نداوي به بخل من يضن علينا بالمعاملة الحسنة ، قال تعالى :" وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " سورة فصلت / الآيات 34،35. والترغيب في العفو لم يكن مقتصِرا على العفو في الظاهرِ دون الباطن، بل عم الظاهر والباطنَ معا، فأطلق على الظاهر لفظَ العفو، وأطلق على الباطنِ لفظ الصفح، والعفو والصفح بينهما تقارب في الجملة، إلاَ أن الصفح أبلغ من العفو؛ لأن الصفح تجاوز عن الخطأ بالكلية مع محو أثره من النفس ، أما العفو فإنه يقتضي إسقاط اللوم الظاهر دون الباطن فهو عدم المؤاخذة مع إمكان بقاء أثر ذلك في النفس . ولا تقتصر فوائد العفو والصفح على الفوائد الدينية فقط بل له فوائد دنيوية ، فالصفح عن الآخرين والتغاضي عن أخطائهم ومحو أثر ذلك من النفس تماما وعدم التفكير فيه له آثار ايجابية عديدة على الصحة النفسية كما انه يقي من العديد من الأمراض الناتجة عن التوتر والانفعال ، إضافة إلى انه يجعل القلب نقيّاً طاهراً ، أما التفكير في أخطاء الآخرين وإساءتهم فإنه يسبب آلاما نفسية بلا فائدة.