طوَّق مئات المتظاهرين المصريين مباني البرلمان المصري بديوانيه، مجلس الشعب ومجلس الشورى, الأربعاء 9 فبراير 2011, لليوم الثاني على التوالي، في إطار احتجاجاتهم الهادفة إلى إسقاط نظام الرئيس المصري حسني مبارك. وفيما تحيط تلك المباني مدرعات الجيش المصري، قرر المحتجون الاعتصام جلوسا فارضين طوقا على مبنى مجلس الشعب، حيث ظلت الحركة هناك سلمية من دون وقوع عنف. ونقلت شبكة (بي بي سي) عن محمد عبد الله، أحد المتظاهرين وعمره 25 عاما، قوله: إنهم جاؤوا لمنع أعضاء البرلمان من الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم "ونحن مقيمون هنا حتى تتحقق مطالبنا أو نموت". كما تشهد عدة مدن مصرية تظاهرات مؤيدة لمطالب المعتصمين بالقاهرة وأخرى تطالب برفع الحد الأدنى للأجور، أو تصحيح أوضاع عمال مؤقتين. وتستمر الأوضاع المضطربة بمحافظة الوداي الجديد عقب مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة العشرات في صدامات بين المواطنين وأفراد من الشرطة. وتظاهر العشرات بمحافظة بورسعيد شرقي مصر، وحطموا واجهة مبنى المحافظة، فيما تصاعدت الاعتصامات العمالية في عدد من المصانع والشركات. وتأتي هذه التطورات الميدانية في وقت صعدت فيه الولاياتالمتحدة من ضغوطها على الرئيس مبارك، فقد طالب نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره المصري عمر سليمان برفع حالة الطوارئ فوراً. وقال إن ضرب المتظاهرين والصحافيين يجب أن يتوقف، ويجب البدء في عملية فورية باتجاه نقل السلطة. وقال بايدن في اتصال هاتفي مع سليمان إن مطالب المعارضة يمكن أن تلبى عن طريق "مفاوضات ذات معنى" مع الحكومة المصرية. كما أكد ضرورة إشراك معارضين آخرين في المفاوضات وذلك وفق جدول زمني محدد وخارطة طريق تتيح الانتقال نحو الديمقراطية. وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض أن "هذه الخطوات ونهج سياسة واضحة تقضي بعدم الانتقام (من المحتجين) هو ما تدعو إليه المعارضة الواسعة وما تقول الحكومة إنها مستعدة لقبوله". وأضاف البيان الصادر عن البيت الأبيض أن بايدن اطلع على الخطوات التي اتخذتها الحكومة لكنه حثها على "اتخاذ خطوات فورية لمتابعة الإصلاحات"، مكررا الموقف الأمريكي المتمثل في أن الشعب المصري هو الذي يجب أن يحدد مصير بلده. ودعا نائب الرئيس الأمريكي إلى إجراء انتقال منظم للسلطة يكون "سريعا وذا معنى وسلميا ومشروعا" ويؤدي إلى "تحقيق تقدم فوري ولا رجعة فيه ويستجيب لتطلعات الشعب المصري". من جانبه، انتقد المتحدث باسم البيت الأبيض تصريحات عمر سليمان التي تحدث فيها عن عدم جاهزية مصر لأن تكون دولة ديمقراطية واعتبرها تصريحات غير مفيدة. واعتبر المتحدث أن هذه التصريحات لا تتماشى مع فكرة وضع جدول زمني للإصلاحات في البلاد. وقد قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس إن من المهم جداً أن تفي الحكومة المصرية بوعودها وتمضي قدماً بالانتقال المنظم للديمقراطية، مضيفا أن الشعب المصري بحاجة لأن يرى خطى ثابتة في تنفيذ الإصلاحات. من جهتها، أكدت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أن الاتحاد سيقدم دعماً عملياً لمصر لمساعدتها على نقل السلطة إلى الحكومة الجديدة. كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القيادة المصرية بالإصغاء لمطالب الشعب. وكان نائب الرئيس المصري عمر سليمان قد حذر مساء أول من أمس من أن الحكومة لن تقبل باستمرار الاحتجاجات في ميدان التحرير لفترة طويلة. وطالب سليمان في تصريح حاد اللهجة ينم عن نفاد صبر الحكومة، بإنهاء الأزمة "في أسرع وقت ممكن". وقال سليمان "لن يزول النظام ولن يتنحى مبارك في الحال"، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عقب اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة. وأضاف سليمان أن النظام يريد انتهاج الحوار لمناقشة مطالب المحتجين بالإصلاح الديمقراطي، وقال في تهديد مبطن "لا نريد التعامل مع المجتمع المصري بأساليب بوليسية". ونقلت الصحف المصرية عن سليمان قوله إن "مصر دولة قوية ولم تنهار ولن تنهار"، مؤكدا أن "الحوار والتفاهم هو الطريقة الأولى لتحقيق الاستقرار في مصر والخروج من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد بسلام في إطار برنامج متواصل لحل جميع المشكلات". وحذر سليمان من أن البديل للحوار هو أن يحدث انقلاب لا يمكن التنبؤ بنتائجه، وقال "لا نريد الوصول إلى تلك النقطة، من أجل مصر". وتحت إلحاح رؤساء تحرير الصحف المصرية لتوضيح ما يعنيه قال إنه لا يعني وقوع انقلاب عسكري، ولكن "فوضى مؤسساتية تتسبب بها جهة غير جاهزة لأن تحكم مصر"، حسب ما قال عمر الخفاجي رئيس تحرير صحيفة الشروق المستقلة الذي حضر الاجتماع، والذي أضاف "لم يكن يعني انقلابا بالمفهوم الكلاسيكي". وقال سليمان "إن وجود المحتجين في ميدان التحرير وتطاول بعض الفضائيات على مصر يثبط المواطنين الذي يرغبون بالتوجه للعمل، ولن نقبل بذلك لفترة طويلة". وحذر من الدعوة التي وجهها المحتجون للعصيان المدني وقال إنها بالغة الخطورة وغير مقبولة. وقال سليمان إن الرئيس حسني مبارك أصدر قرارا جمهوريا يقضي بتشكيل لجنة دستورية مكلفة بوضع تعديلات تمهد للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في شهر سبتمبر المقبل.