كشفت دراسة علمية حديثة بعنوان "بناء القاعدة العلمية لمصر، وروافدها التعليمية في المستقبل.. دراسة في مستقبل تعلم الرياضيات والعلوم " صادرة عن مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط عن تهديدات تواجه مصر عام 2030 في بناء قاعدة علمية وتكنولوجية متقدمة بسبب تدهور حال التعليم بشكل عام، وتراجع تعلم الرياضيات والطبيعة والعلوم الأساسية بشكل خاص. أعد الدراسة كلا من الدكتورة سحر عبد الجيد، مدرس بكلية الحاسبات والمعلومات بجامعة القاهرة والمدير التنفيذي لمركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط، والدكتور أحمد عمران، مدرس بكلية الحاسبات والمعلومات بجامعة الفيوم. وأكدت الدراسة على أهمية التفوق العلمي في مجال العلوم والرياضيات الأساسية والتذكير بالمكاسب والفرص، التي تلوح في أفق المجتمعات الناهضة، والتحذير من المخاطر المترتبة على عزوف الطلاب عن تعلم الرياضيات والفيزياء والعلوم الأساسية، وتقديم برنامج مقترح لتعلم العلوم والرياضيات الأساسية حتى عام 2030، الهدف من رد الاعتبار إلى هذه العلوم، ورصد وتتبع التوقعات المستقبلية لهذه العلوم، ومحاولة تقدير احتياجات البرامج التكنولوجية المختلفة التي حددتها الرؤية المسقبلية لمصر عام 2030 من الخبراء والعلماء والمهارات البشرية، ومدى قدرة النظام التعليمي في مصر. وأكد الباحثان على أهمية تعلم الرياضيات والعلوم لإشباع الحاجات المستجدة للاقتصاد الجديد، ومقابلة التغيرات الهيكلية في سوق العمل وحاجة النظام الديمقراطي إلى مواطن متعلم، وتخفيض حجم الفجوة بين مصر، والمجتمعات المتقدمة. و أشارت الدراسة إلى المؤشرات رقمية توضح هذه الفجوة، حيث إن مصر تعاني من انخفاض في أعداد الباحثين من العلماء والمهندسين والفنيين في أنشطة البحث والتطور، حيث يبلغ عدد العلماء 493 باحثًا لكل مليون نسمة مقابل 7992 باحثًا لكل مليون نسمة في دولة فنلندا، بينما سجلت اليابان 5287 باحثًا لكل مليون نسمة، و4745 باحثًا لكل مليون نسمة في سنغافورة، و3187 باحثًا لكل مليون نسمة في كوريا، و1013 باحثًا لكل مليون نسمة في تونس، و782 باحثًا لكل مليون نسمة في المغرب. وتناولت الدراسة براءات الاختراع الخاصة بالبحث العلمي، والتي كشفت عن ضعف نشاط البحوث والتطوير فى تلك الدول، وجاءت مصر في المرتبة الأخيرة بين الدول التي تناولتها الدراسة حيث سجلت اليابان 857 براءة اختراع لكل مليون نسمة، بينما جاءت كوريا في المرتبة الثانية ب 113 براءة لكل مليون نسمة، وفي المرتبة الثالثة الصين 16 براءة لكل مليون نسمة، وإيران 8 براءات لكل مليون نسمة، وجاءت مصر في المرتبة الأخيرة ببراءة واحدة لكل مليون نسمة. وأوضحت الدراسة أن العلاقة حيوية بين الرياضيات والعلوم والأمن القومي، حيث إن الفيزياء النووية القوة الدافعة والداعمة لقوة الردع النووية القومية للولايات المتحدةالأمريكية خلال نصف القرن الماضي، كما صارت الغواصات النووية هي المحور الثاني لاستراتيجية الدفاع الأمريكية، ولذلك فإن العلوم والرياضيات الأساسية اليوم توفر البنية الأساسية التي تمكن من تطوير الأسلحة الجديدة. وأشار الباحثان إلى تراجع تعليم الرياضيات والعلوم في مصر حيث بلغت نسبة الدارسين في الجامعات المصرية لعلوم الرياضيات الأساسية 28% فقط. وفي النهاية نوهت الدراسة إلى وجود تهديدات مستقبلية متمثلة في انخفاض عدد براءات الاختراع، وتدهور مستويات البحث العلمي والتكنولوجي، وضيق القاعدة العلمية والتكنولوجية، وزيادة الفجوة بين البحث والصناعة، وتهديد الأمن القومي، وعجز ميزان المدفوعات، وانخفاض معدلات النمو، وغياب روح البادرة والابتكار. وأوصت الدراسة بتأسيس نظام متطور لتحسين جودة الرياضيات والعلوم في جميع مراحل التعليم المدرسية، وزيادة أعداد مدرسي العلوم والرياضيات مع مراعاة تحسين جودة إعدادهم.