أطلقت محطة تلفزيونية فضائية جديدة في مصر، تقول أنها "أول محطة إسلامية على نمط محطة ام تي في الموسيقية". يتلقى مقدم البرنامج مكالمات تلفونية من المشاهدين ويجري مقابلات مع فنانين يرتدون سراويل الجينز، ولكن هذه هي حدود التشابه مع محطة ام تي في الموسيقية. وترغب محطة (للشباب) بالترويج للقيم الإسلامية التقليدية- بحسب تقرير نشرته قناة( البي البي سي )الإخبارية -من خلال موسيقى الهيب هوب والراب والبوب بالاستعانة بفنانين معروفين يغنون نصوصا غنائية ذات محتوى إسلامي. وقد اعتبرت بعض وسائل الإعلام الغربية هذه المحطة مؤشرا لظاهرة جديدة ونظرت اليها على أنها مثال على اتجاه الثقافة الاسلامية المعاصرة منحى محافظا. ولكن هل فعلا هذه المحطة غير عادية ؟ وهل ستتمكن من الاستمرار ؟ جاء أحمد أبو هيبة المدير التنفيذي لقناة "للشباب" بهذه الفكرة بسبب ما يراه من وجود تناقض بين لقطات الفيديو الموسيقية التي يشاهدها الشبان المسلمون والتي تتضمن لقطات راقصة ترتدي فيها الراقصات ملابس تتنافى مع المعتقدات الإسلامية، بينما هم يرغبون بالالتزام بتعاليم الإسلام في سلوكهم اليومي. ويوضح أبو هيبة قائلا: "الشيء الأساسي هو كيف تفكر بالله أثناء العمل واللعب على حد سواء. بامكان المغني تسجيل أسطواناته والحديث عن الله ثم التوجه لتناول مشروب ما في أحد البارات. المغنون الذين نتعامل معهم لا يفعلون هذا". منافسة شديدة هناك ما يربو على 800 محطة فضائية، منها 55 تبث مواد موسيقية، وقد بلغ عدد المشاهدين عشرات الملايين، خاصة مع انخفاض تكلفة المشاهدة.بسبب هذه المنافسة القوية في السوق قد تجد قناة "للشباب" نفسها تجدف عكس التيار. وبالرغم من الحملة الاعلامية القوية التي قام بها مؤسس القناة الا أن القليلين سمعوا بها في القاهرة. وتعاني القناة من مشاكل تقنية منها صعوبة التقاطها، وكذلك فهي تبث لمدة ساعتين فقط بشكل متواصل، ولم يجر تفعيل موقعها على الانترنت حتى الآن.
على مقهى في وسط القاهرة لم يسمع أي من الشبان الذين سألناهم بهذه المحطة، ولكن الشبان قالوا ان المحطة قد تنجح لو قدمت مواد عالية المستوى وبرامج فيها أصالة. تقول نوران، 16 سنة: "نحن نشاهد الموسيقى الغربية، والموسيقى العربية هي تقليد لها. المغنيات العربيات يحاولن تقليد بريتني سبيرز وبوسي كات، أنا أفضل مشاهدة الأصل". أما حبيبة، وهي في نفس السن قتقول: "حتى يكون البوب الاسلامي مؤثرا يجب أن يشبه المغنون الناس العاديين. يجب أن لا يطغى منظرهم وهم يركعون ويصلون على المشهد، هذا ليس واقعيا".
انفصام ثقافي ينظر البعض الى القناة التي يمولها رجل أعمال سعودي على أنها "مجرد لفتة تسويقية ذكية". سعيد صادق المحاضر في مادة علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة يعبر عن قلقه من أن القناة تعكس توجه جزء من الاعلام نحو الأسلوب الأكثر محافظة، ويرى أن ذلك يسبب خلافات في أوساط الشباب.
ويضيف : "هذه الجرعة القوية من التدين من خلال وسائل الاعلام ونشر الأفكار غير المتسامحة ، وخلط الموسيقى الغربية بالمحتوى الاسلامي سيؤدي الى تشويش الشباب وخلق انفصام ثقافي في داخلهم". حين زرنا ستوديوهات محطة "للشباب" وجدت كل العاملين من الرجال، بمن فيهم مقدم البرنامج وكذلك الذين يظهرون في لقطات الفيديو المصاحبة للأغاني.
ويقول أحمد أبو هيبة ان غياب المرأة تعبير عن روح المجتمع الذي لا تحبذ فيه النساء الدخول في مجالات الترفيه الموسيقي. هناك توجهات جديدة وخلاقة في مجال الاعلام في الشرق الأوسط.