يسير العالم بخطى متسارعة نحو اكنشافات تخدم البشر، ونحن في همّ تصريف السيول غارقون، خاصة بعد كارثة أمطار جدة ومتاعب تصريف سيول الرياض، وغيرهما من المدن. كما أننا ما زلنا في الخطوة الأولى نحو تطبيق التأمين الصحي الشامل واعتماد الرهن العقاري المنتظر، وغيره من الاحتياجات الضرورية والتنظيمية، التي ستنقل مواطن هذه البلاد إلى مصاف أقرانه في الشرق والغرب، ماديا ومعنويا في كل نواحي الحياة، وفق أسس ممكنة يحترمها الجميع. كما لا ننسى المجتمع الرياضي الأكثر صخبا في البلاد، فما زال الجدل يحتدم بين الجماهير بين من هو زعيم آسيا الاتحاد أو الهلال، ومن هو سيد آسيا الأوحد، هل هو النصر بحكم أسبقيته بالوصول إلى العالمية، أم أن السيد من بلاد الشمس المشرقة والعالم الحي في الشرق والغرب لا يكترث لمثل هذه المسميات وينشغل بما هو أهم بكثير من هذه الأشياء الجدلية المشبعة بالنرجسية، التي هي ماركة عربية. وبعيدا عن همومنا التي يأخذ بعضها صبغة المبارزة والتباهي والميل إلى حب الألقاب الرنانة، فقد حملت لنا الأخبار الجديدة والحيوية من أرض الشمس المشرقة، اليابان، خبرا مفاده أن فريقا طبيا يابانيا بمشاركة الجراح السعودي والباحث في الخلايا الجذعية الدكتور صفوق الشمري، نجح في تطوير أنسجة بشرية صنعت قلبا ينبض في المختبر، في خطوة علمية طبية غير مسبوقة. وتمكّن الجراحون من زراعة الأنسجة القلبية الجديدة بنجاح في جسم مريض، ما يعني أن زراعة القلب ونقله من متبرع ستكون ضمن ملفات التاريخ، كما أن العلماء وضعوا احتمالا قويا لنجاحها في زراعة بقية أعضاء الجسم، مثل: الكبد، والكلى، والبنكرياس، وغيرها. وقال الخبر، الذي بثته قناة (العربية) بالصور حصريا: إن الفريق الطبي في جامعة أوساكا اليابانية نجح في تصنيع أنسجة قلبية بشكل ناجح لأول مرة بعد 15 عاما من المحاولات الطبية العلمية الفاشلة سابقا. وتمّ تجريب تصنيع القلب على خمسة مرضى يعانون الفشل القلبي، وقدرت حياتهم طبيا بنحو ستة أشهر، ونجحت جميعها، وبعضهم عاد يزاول حياته المعتادة بقلب قوي ينبض بصورة طبيعية. ويعدّ هذا الكشف، حسب (العربية)، أكبر اختراق في عالم استخدام الخلايا الجذعية منذ اكتشاف الخلايا الجذعية (آي بي إس) منذ سنوات بواسطة الدكتور ياماناكا من جامعة كيوتو. ولخص الدكتور الشمري في حديثه ل (العربية) التجربة يأنها تبدأ بأخذ عينة سمكها أقل من سنتميتر واحد من فخذ الإنسان المعالج، وهي من الخلايا الجذعية متوسطة الجودة، وتتم تنمية العينة باستخدام بروتوكول خاص حصري طوّرته جامعة أوساكا اليابانية في مختبراتها تحوّل العينة من خلايا جذعية إلى أنسجة قلبية. ولأن الشرق والغرب هم من أحسنوا استعمار أرض الله الواسعة وقادتهم عقولهم لا عواطفهم إلى اكتشافات كثيرة خدمت البشرية وعمّ نفعها أركان المعمورة؛ فإن باب الأمل ما زال مفتوحا بأن يعين الله عز وجل علماء الشرق والغرب لاكتشاف علاج حتى لو كان من الخلايا الجذعية، ليضع حدا لمرض بعض الضمائر في وسط الكرة الأرضية، التي يعاني كثير من سكانها البطش والتفرقة والظلم والتسلط وغياب العدالة الإنسانية في جميع نواحيها، هذا فضلا عن غياب الأمانة في القول والفعل والعمل، والتي كان من نتائجها المزيد من التدهور والتخلف واستمرار الكوارث والمحن ما ظهر منها وما بطن. ويمكن القول: إنه في عالمنا الأوسطي ما من وباء أشد خطرا على مجتمعاتنا من وباء مرض الضمير، فهو أخطر من السرطان والفشل القلبي والكبدي والبنكرياسي، وأي مرض عضوي آخر. يبقى القول عما إذا كان علماء الشرق والغرب قادرين على التوصل إلى علاج لحالات مرض الضمير من خلال الخلايا الجذعية أو غيرها، لعل مثل هذا الاكتشاف المأمول يعيدنا إلى العالم الحي والمتفاعل مع غيره، لنركض معه بعقول نيرة وبقلوب بيضاء ملؤها الحب للبلاد والعباد ليمتد إلى أرض الله الواسعة. وتبقى إشارة أخيرة قائمة على التساؤل عما إذا كانت الخلية الجذعية المراد زرعها في ضمير مريض قادرة على رمرمة المرض إذا كانت الخلية من الشخص نفسه، أم أن المقتضيات الطبية لمثل هذه الحالات تتطلب أخذها من إنسان سوي ونقلها إلى مريض الضمير، ونقول في الحالتين الاستفادة واردة، ففي حالة نجاح الخلية المزروعة من الجسم نفسه، فذلك انتصار للضمير الحي، وإن لم تنجح الخلية المنقولة من جسم آخر، ففي ذلك خلاص للبشرية من المرضى.