يرى كثير من المتابعين, أن الأزمة المالية العالمية لم تكن فاتحة خير على كثير من المؤسسات التجارية في الخليج، ضاربين المثل بشراء شركة (نيوز كروب) المملوكة للإعلامي اليهودي المتهم بالتعصب (مردوخ)، ما يقارب 10% من حصة الأمير الوليد بن طلال في (روتانا). ورغم ما يتحدث به المراقبون من تأثير الأزمة العالمية في عملية البيع هذه, إلا أنهم ينفون أن للأزمة المالية أي دور في القضية، مشيرين إلى أن عملية التفاوض استمرت أكثر من سنتين, أي قبل الأزمة المالية العالمية؛ لكن القضية لم تعد اقتصادية بحتة حينما يتم تداولها في وسائل الإعلام، بل أخذت بُعدا آخر يتعلق بهوية وتوجّه (مردوخ), المالك لقنوات (فوكس نيوز), الذي يوصف غالبا بأشرس الإعلاميين المدافعين عن إسرائيل. ويتخوف كثير من المثقفين العرب من ذوبان الأعمال الفنية التي تملكها (روتانا) في بحر المؤسسة الإعلامية اليهودية المشاركة، وتبلغ الأعمال التي تمتلكها (روتانا) بحسب إحصاءات, أكثر من 1300 عمل سينمائي قديم, و500 جديد. ولم تقف اعتراضات المثقفين عند تصريحات بعضهم, بل توسعت إلى حد تشكيل حملة إعلامية قادتها مجلة مصرية للتحذير من هذه الشراكة وخطرها على العقل العربي، والعمل بجد لدراسة آثار هذه الشراكة، وصرّحت رئيسة تحرير المجلة ومُطلقة الحملة الإعلامية لوكالة الأنباء الألمانية، قائلة: "إن الخطورة تكمن في كون (روتانا) تمتلك 20% تقريبا من حقوق بث المحطات التلفزيونية في السعودية ومصر، وأكثر من 70% من الأغاني العربية, وأكثر من 50% من الأفلام المصرية السينمائية, و80% من الأفلام ذات العرض الحصري والأول". وأضافت: "إن من حق (روتانا) السعي للدخول في تكتلات عالمية لتعزيز مكانتها، لكن في الوقت نفسه من حق المصريين تحديدا أن يطمئنوا على التراث الفني والسينمائي الذي سيصل للإسرائيليين على طبق من ذهب من خلال صفقة الشراكة مع مردوخ". وهذه الحملات والتخوفات والتصريحات ضد (روتانا) لا تجد أيضا صدى عند بعض النخب، محتجين بأن (روتانا) لم ترضخ للتوجهات الفكرية التي يحملها (مردوخ) وشركاته، وقامت ببث المسلسل التركي (وادي الذئاب), الذي يهاجم السياسة الإسرائيلية وأعمال القتل الوحشية التي تقوم بها. يُذكر أن هذا المسلسل تسبّب في نشوب أزمة بين إسرائيل وتركيا، قامت من خلالها إسرائيل بالاعتذار لتركيا على أثر إهانة سفيرها في تل أبيب. وبات السؤال المطروح والمتداول بين المؤيدين للشراكة أو المتخوفين منها: هل تشكّل هذه الاتحادات والصفقات التجارية بوابة للتطبيع التجاري مع إسرائيل, أم أن ذلك لا يعدو كونه ضريبة للعولمة الاقتصادية الرأسمالية؟