تحالف إعلامي وإستراتيجية جديدة بين عمالقة الإعلام في ظل الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت الدول الكبرى.. ومع التطور الهائل في عصر ثورة المعلومات وتقدم تكنولوجيا الاتصالات وظهور شبكة الانترنت، وارتباط ملايين البشر بها من مختلف الأعمار، وكونها أصبحت وسيلة للاتصال الشخصي والجماعي وبأسرع وقت ممكن.. وتنوع الخدمات الإعلامية عبر شبكة الإنترنت ما بين قراءة الصحف والمجلات إلكترونياً ومتابعة محطات الإذاعة والتلفزيون، وكذا قنوات التسويق والدعاية والإعلان للأفراد والشركات في العالم أجمع. شهدت الساحة العالمية في الأسبوع الماضي لقاء إعلامياً اقتصادياً استثمارياً استراتيجياً بين صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة والمليونير روبيرت موردوخ رئيس شركة (نيوز كورب News Corp) العالمية، نظراً للعلاقات الأخوية والاقتصادية التي تربطهما، ولقد اتجهت أنظار وسائل الإعلام في مختلف دول العالم إلى هذا اللقاء.. والتي تدور حوله التساؤلات هل هناك سيطرة إعلامية جديدة ؟. أو هل هناك احتكار إعلامي أو مولد إمبراطورية جديدة ؟. أو هل هو تكوين اتحاد إعلامي لمواجهة التحديات الإعلامية وخسائر وإفلاس الصحف ووسائل الإعلام المختلفة في دول العالم ؟. وهذا ما ستكشفه الشهور القادمة عن هذا التحالف. وإذا كان العالم قد شهد خلال السنة الماضية إفلاس أكثر من (13) صحيفة من جراء الركود الاقتصادي الذي نجم عن الأزمة المالية العالمية، وبسبب المنافسة من جانب المواقع الإلكترونية الإخبارية على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) التي استأثرت بغالبية الإعلانات التي كانت تستأثر بها الصحف الورقية، وآخر صحيفتين أشهرتا إفلاسهما هما صحيفة (دينفربوست) و (سان خوزيه ميركوري نيوز) ومن خلال متابعتنا لتقرير وكالة الأنباء (الاسوشيتدبرس) أن مبيعات الصحف الأمريكية من الإعلانات انخفضت خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 40% بما يزيد على 20 بليون دولار. وعلى الرغم من توقعات الخبراء الإعلاميين والاقتصاديين بأن ينحسر الركود الاقتصادي هذا العام، إلا أن الصحف الأمريكية لا تزال مواجهة بمشكلة هروب قرائها ومعلنيها إلى شبكة الإنترنت، حيث يتاح الإطلاع على الأخبار مجاناً، فيما تباع الإعلانات بأسعار أرخص كثيراً مما تطلبه الصحافة الورقية، وقد يكون هذا أحد المواضيع التي ناقشها اللقاء. وإذا عرفنا أن الأمير الوليد بن طلال يملك 100% من شركة روتانا الإعلامية التي تضم شبكة قنواتها التلفزيونية اليوم باقة تتألف من خمس قنوات فضائية غير مشفرة هي (روتانا كليب)، و(روتانا موسيقى)، و(روتانا سينما)، و(روتانا زمان)، و(روتانا خليجية)، كما تملك روتانا مكتبة أفلام عربية تحتوي على أكثر من ألفي فيلم سينمائي، وتوجد (قناة الرسالة) إضافةً إلى قنوات روتانا، إضافةً إلى استثمار الوليد في شركة (ورلد ديزني) التي تدير شبكة من المشاريع الإعلامية واستديوهات الترفيه التي تنتج الأفلام بالإضافة إلى نشر الكتب والمجلات التي تدير محطة (ABC) للراديو والتلفزيون، هذه الإمبراطورية السعودية التي أخذت تواكب التطورات الإعلامية في مختلف المجالات وأصبحت تسيطر على مساحات شاسعة في المجال الإعلامي. إذا كان لا بد لنا من تسليط الضوء على (المستر/روبرت مردوخ – إمبراطور الإعلام العالمي) الملياردير أحد أباطرة الإعلام في العالم، الأسترالي الأصل، والصوت الإعلامي الأول والأقوى تأثيراً لدى مجموعته، المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو ليس يهودياً كما يقال عنه، وليس أيضاً من أعضاء مجلس اليهود الأمريكيين. ولكن تعتبر مجموعة مردوخ الإعلامية (نيوز كورب News Corp) واحدة من أهم ثلاث مؤسسات عالمية تحرص جمعية الصداقة الأمريكية الإسرائيلية (اللوبي اليهودي) على شكرها – لدعمها الدولة العبرية إعلامياً واستثمارياً. ولقد استطاع روبرت مردوخ بناء إمبراطورية إعلامية عابرة للقارات لها نفوذ في السياسة الدولية، ولقد انتشرت (نيوز كوربوريشن) التي تضم (800 مؤسسة إخبارية وإعلامية) في بريطانيا وأمريكا وأستراليا وإيطاليا و(52 بلداً) ولتمتد إلى (أربع قارات) حول العالم، ويمتلك أكثر من (175) صحيفة عالمية شهيرة، من بينها (التايمز اللندنية)، و(الصنداي تايمز)، و(الصن الشعبية) أوسع الصحف البريطانية انتشاراً، و(نيوز أوف ذي ورلد)، و(نيويورك بوست)، و(ول ستريت جورنال) ثاني الصحف الأوسع انتشاراً في الولاياتالمتحدة وإحدى أهم الدوريات الاقتصادية في أمريكا والعالم، و(وكالة أنباء داو جونز)، ومجموعة صحف (بارون)، بالإضافة إلى امتلاك (25 مجلة) من بينها (تي في نيوز)، و(مجلة ويكلي ستاندراد)، وغيرها، وفي مجال التلفزة والبث الفضائي يمتلك مردوخ (12 محطة تلفزيونية) في أمريكا وحدها، منها شبكة تلفزيون (بي سكاي بي)، و(فياكوم) مالكة (سي بي أس)، و(يوبي إن)، و(شبكة فوكس) التي تضم فوكس فيديو، وفوكس نيوز الإخبارية الشهيرة، وأيضاً (فوكس للسينما) إحدى أهم شركات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي، كما يمتلك (سبع شبكات تلفزة) في أستراليا وإيطاليا، وقنوات (تي في ستار) في آسيا الموجهة إلى الشرق الأوسط ويصل بثها إلى (53 دولة)، وله كذلك حصة في (شبكة VOX الألمانية)، و(قناة VOX في أمريكا اللاتينية)، وكذلك يمتلك دور نشر عالمية بالإضافة إلى تملك إمبراطورية (نيوز كورب News Corp) الضخمة (فريق البيسبول بنادي إل إيه دورجرز) و (فريق مانشستر يوناتيد لكرة القدم) وقد استطاع هذا المليونير تمويل العمل الإعلامي من مصادر غير إعلامية مثل التجارة في العقارات ومزرعة الأغنام التي يمتلكها في أستراليا، أو المساهمة في شركة طيران أسترالية، وشراء النوادي الرياضية، وقد لعب دوراً كبيراً في دعم الكثير من القيادات على مستوى العالم في الدول الكبرى مثل (توني بلير) و (جورج بوش) و (هيلاري كلينتون) وغيرهم. والجدير بالذكر أن صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال يمتلك حصصاً كبيرة من أسهم مجموعة موردوخ (نيوز كورب News Corp) وقد أثبتت العلاقات التي تربط العملاقين حميميتها. وهذا ما يؤكد نجاح خطة واستثمار الوليد للعمل الإعلامي الدولي والذي سيحقق نجاحات أكبر في المستقبل القريب، ويبشر بفجر جديد في ظل الظروف والمتغيرات ، ويبقى الإعلام الورقة الرابحة والسلاح النافذ في جميع المجالات .