اللطف هو الرِّفْق ، ومنها صفة اللطيف وهي من صفات وأسماء الخالق عز وجل الذي يُقدر الشيء برفق ورحمة؛ حيث يعلم بدقائق الأمور لخلقه. والأقْدَار هي جمع قَدَر ، ومعناها ما يقضي الله ويحكم به على عباده من حيث لا يدرون، والأقدار تقع على الخلق وتأخذ نصيبها منهم فرحا وألما. الباريء عز وجل يعلم بواطن خلقه، ويلطف بهم ويصرف عنهم الألم الشديد الذي لا يقدرون على تحمله؛ لأن في كل خيط من ذلك المُقدَر يُمسك بِهِ قَدَرٌ من لطف ،وبهذا يتشرب المؤمن معنى الآية: "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ" ومع اللطف وبما أودعه الله في الإنسان من قوة كامنة في الصبر تنطفيء رويدا حينها آلام الأقدار . الإنسان إذا أدرك أن الأقدار تدبير مكتوب، ولا يستثني فيها أحد تمالكه الإيمان والفهم بالقبول والتسليم بهذه الآية: وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بل يقول؛ الحمد الله الذى يُدبَّر الأمر فيتلطف ويرأف، والحمد الله الذى يُعطى فيُجزل،والحمد الله الذى يأخذ فيعوض ، والحمد الله الذى يكشف الأقدار فترضى الروح وتأمن، والحمد الله على كل قدر ما صرف به عنا اعظم وأكبر منه فيخف الحزن والألم. الأقدار هي كذلك تُظهر من صدق في حبنا ومن ادعى.بل نتعلم من الأقدار أن الخير فيما اختاره الخالق فيحل الرضا مكان السخط. الله عز وجل في لطفه بالبشر يجبر كل كسر وندب يصيب القلوب، ويرحم ضعف الناس ويُريهم من حكمته، ما يُشفى صدورهم بتعويضهم خيراً كثيراً مما فقدوا. ويبدل بقدرته كل ألم ووجع سكينة وراحة؛ لأن في الأقدار فرحا مخبأ يسد الوجع مهما اتّسع ،ويجمع شتات القلوب برحمته ولطفه وكرمه. وفي كل هذا يردد الصالحون؛ اللهم الطف بنا فيما جرت به المقادير. وكم لله من لطفٍ خفيٍّ يَدِقّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ فَفَرَّجَ كُرْبَة َالقَلْبِ الشَّجِيِّ وكم أمرٍ تساءُ به صباحاً وَتَأْتِيْكَ المَسَرَّة ُ بالعَشِيِّ إذا ضاقت بك الأحوال يوماً فَثِقْ بالواحِدِ الفَرْدِ العَلِيِّ