كثير من الدول وعلى رأسها الدول المتقدمة واجهت وستواجه مشكلة البطالة، وتعلن تلك الدول أعداد العاطلين الذين فقدوا وظائفهم بعد أن يصبحوا في الشارع، ثم تبدأ البحث عن الحلول.. لكن بلادنا التي تدير الأزمات بمهنية عالية، تعتمد الخطوات الاستباقية؛ ولذا شهد لها العالم بإدارتها المميزة لأزمة كورونا، التي يتوقع أن يفقد ملايين وظائفهم من تأثيرها.. ويوم الخميس الماضي صدر أمر خادم الحرمين الشريفين بتحمل 60 في المائة من رواتب موظفي القطاع الخاص السعوديين في المنشآت المتأثرة من التداعيات الحالية لأزمة كورونا المستجد.. تأتي هذه الخطوة الاستباقية لمواجهة البطالة التي يمكن أن تحدث من إغلاق بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسريح موظفيها؛ وهو ما تحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين على عدم حدوثه، والحد من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية على القطاع الخاص، خصوصا تلك المؤسسات التي أصبحت لا تستطيع الوفاء بمرتبات موظفيها في ظل توقف أعمالها.. ولا شك أن الأمر الملكي سيساعد على عدم فقدان العاملين السعوديين وظائفهم؛ عن طريق تأمين دخل بديل وفق نظام التأمين ضد التعطل عن العمل.. وقد أكد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية – في برقية شكر لمقام خادم الحرمين الشريفين – دور المؤسسة في المساهمة من خلال نظام التأمين ضد التعطل، ما يسهم في تخفيف حدة آثار أزمة كورونا في القطاع الخاص.. ولقد روى لي صديق لديه مؤسسة صغيرة يعمل فيها خمسة أو ستة موظفين سعوديين، أنه واجه صعوبة كبيرة في صرف رواتبهم للشهر الذي انتهى منذ خمسة أيام، ولاحظ موظفوه ذلك، وكعادة الشباب السعودي في المواقف المشرفة، طلبوا منه بصوت واحد أن يوقف صرف رواتبهم بعد ذلك، لكنه رد عليهم بكل ثقة بأنه “سيأتي الفرج بإذن الله، فنحن في دولة تحسب لكل أمر حسابه، وانشغال القيادة بتوفير الغذاء والدواء لمواطني هذه الأرض بل وللمقيمين عليها وحتى مخالفي نظام الإقامة، لن يشغلها عن النظر إلى حالكم، للبقاء في وظائفكم حتى تعود الأعمال والدخل كما كان”. وفي اليوم التالي لحديثه مع موظفيه صدر أمر الملك سلمان، فعمت الفرحة موظفيه، وهو قبلهم، لأنه كان يتألم وهو يراهم يستعدون لترك وظائفهم، حتى لو تم ذلك برضاهم وبالتشاور معهم. وأخيرا، هنيئا لنا بدولة قوية بالله أولا ثم بقيادتها وشعبها واقتصادها.. تلك الدولة تحارب على عدة جبهات، أولها الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية في وجه الكره الفارسي الصفوي الذي لا يتمنى الخير للجميع، والجبهة الثانية حماية سوق النفط العالمية من الهزات، باعتبارها المنتج الأول للنفط عالميا، التي ظلت وستظل تضبط إيقاع السوق لمصلحة الاقتصاد العالمي، مع المحافظة على مصالحها بطبيعة الحال، أما الجبهة الثالثة فهي حرب المخدرات التي تستهدف شباب هذه البلاد، ففي وسط أزمة كورونا ضبطت شحنة بها أكثر من مليوني حبة مخدرة، وتأتي الجبهة الرابعة في الحرب على وباء كورونا بجميع تداعياتها، التي أظهرت قدرة قيادتنا على العناية بكل الجوانب ورعاية مواطنيها في الداخل والخارج.. دعاء من الأعماق أن يحفظ الله هذه البلاد وقيادتها وشعبها من كل مكروه. نقلا عن (الاقتصادية)