قطاع العقار في بلادنا يعد أكبر القطاعات الاقتصادية التي تعامل المواطن السعودي فيها منذ عقود، فرفعت بعضهم إلى مراتب الأثرياء وألقت آخرين تحت وطأة الديون والفقر بل وبعضهم في السجون. وسادت هذا القطاع فوضى لا مثيل لها سواء في أساليب البناء بأكثر التصاميم والمواد رداءة، أو في عمليات البيع والشراء وما صاحبها من مبالغات في الأسعار وعمولات لوسطاء لا يبذلون أي جهد ويتقاضون مبالغ لا يستحقونها. وكانت الطامة الكبرى ما سمي بالمساهمات العقارية التي سادت ثم بادت، بعد أن سحبت من البسطاء مدخراتهم ولم يحصلوا على الأرباح التي وعدوا بها، وما زال بعضهم يتابعون مطالباتهم من محكمة إلى لجنة تحكيم إلى دائرة حكومية دون جدوى. وجاءت الخطوات الجادة في زمن الحزم لتنظيم هذا القطاع المهم، فتم إنشاء الهيئة العامة للعقار التي بدأت عملها بصمت. حتى تساءل الإعلام عن هذه الهيئة الوليدة، وكيف ستباشر عملها؟. وفي لقاء بين محافظ الهيئة عصام المبارك ومجموعة من كتاب الرأي والإعلاميين الأربعاء الماضي تحدث المحافظ عن جديد الهيئة العامة للعقار، وسلط الضوء على الاستراتيجية الشاملة بركائزها وأهدافها وأولوياتها ومقاييس أدائها، وقبل الدخول في تفاصيل هذا اللقاء تجدر الإشارة إلى صدور قرار مجلس الوزراء أخيرا بمنح الهيئة العامة للعقار صلاحية مباشرة الاختصاصات المقررة نظاما، والمعهودة إلى وزارتي العدل والشؤون البلدية والقروية فيما يتعلق بالتسجيل العيني للعقار. وقد رفع ماجد الحقيل وزير الإسكان رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للعقار، الشكر لخادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمين على الدعم الكبير الذي يحظى به قطاع العقار، وأكد أن ذلك سيكون له تأثير كبير في إيجاد قطاع عقاري منظم وفاعل، بحيث توحد إجراءات التسجيل العيني للعقار في جهة واحدة، ما يسهم في رفع كفاءة وسرعة إجراءات التسجيل. وعودة إلى حديث عصام المبارك محافظ الهيئة العامة للعقار، حيث أكد أن الهيئة هي المنظم لقطاع العقار وتعمل في خمسة مسارات رئيسة، هي توفير شفافية السوق، وبناء القدرات، وتحفيز الاستثمار، ورعاية الجهات المعنية، والتدقيق والتنفيذ، ولديها صلاحيات للعمل في أكثر من اتجاه ومستوى، لتحقيق رؤيتها مع الشركاء كافة وتأهيل قوى هذا القطاع العاملة بمن فيهم المهنيون والممارسون، ومنح الشهادات التي تمكنهم من دخول سوق العمل بكفاءة عالية، من خلال المعهد العقاري التابع للهيئة. ويمكن تلخيص الركائز الأساسية لاستراتيجية القطاع العقاري في أربعة محاور هي، فاعلية السوق، واستدامة القطاع، وحوكمة القطاع، (وهذا هو الأهم) ثم خدمة الشركاء. وأخيرا: هناك خطوة مهمة اتخذتها الهيئة العامة للعقار وهي إنشاء المركز السعودي للتحكيم العقاري، بهدف تخفيف العبء على المحاكم، من خلال النظر في النزاعات الناشئة بين المستفيدين والمتعاملين في السوق العقارية. وكانت تلك النزاعات حتى لو كانت صغيرة تشغل المحاكم والجهات الأخرى ذات العلاقة، مع أن بالإمكان حلها بالتحكيم والوساطة والتراضي بين المتخاصمين فيها. نقلا عن (الاقتصادية)